×
تَعْقيباتٌ على كتابِ السَّلَفيَّة ليسَتْ مَذْهبًا

 التَّعقـيب السَّادس والعِشـرون

****

أنَّه في صفحة 138، يُجيزُ مخالفةَ السَّلفِ في إثباتِ الصِّفاتِ على حقيقتِها فيقول: بل نفرِضُ أنَّ أحدًا من رجالِ السَّلف -رِضوانُ اللهُ عليهم- لم يُجِز لنفسِه أكثرَ من أنْ يُثبِتَ ما أثبتَه اللهُ لذاتِه مع تفويضِ ما وراء ذلك من العلمِ والتَّفاصيلِ إلى اللهِ عز وجل، فإنَّ ذلك لا يقومُ حُجَّةً على حُرْمةِ مُخالفَتِهم في موقفِهم هذا حُرْمةً مُطْلَقةً. انتهى كلامُه.

ونقولُ يا سُبحانَ الله أَلاَ يَسَعنا ما وَسِع السَّلف، أليسَتْ مُخَالفتُهم وفِيهم المُهَاجِرون والأنصارُ والخُلفاءُ الرَّاشِدون وبقيَّةُ الصَّحابة رضي الله عنهم والقرونُ المُفضَّلة أليسَت مخالفتُهم لا سيَّما في العقيدةِ بدعةٌ وكلُّ بدعةٍ ضلالة، بدليلِ قولِه صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([1]). واللهُ تعالى يقول: {وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ} [التوبة: 100]

فشَرَطَ سبحانه في رِضَاه عمَّن جاء بعدَهم اتِّباعَهم للمهاجرين والأنصارِ بإحْسَان، والدكتور يقول: «لا تُحرَّم مُخالفتُهم في صفاتِ اللهِ عز وجل »، ألَم يُخبِرُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّهم خيرُ القُرُون؟ ومعنى هذا الحَثُّ على الاقتداءِ بهم والنَّهي عن مخالفتِهم لا سِيَّما في أصولِ الدِّين، ثُمَّ هلْ تجوزُ المُخالفةُ في أمورِ العقيدة؟ أليسَتِ العقيدةُ تَوْقيفية لا مجالَ للاجتهادِ والاختلافِ فيها؟

***


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42).