التَّعقـيب السَّـابع
****
قوله: «فكلُّ من التزمَ بالمُتَّفَقِ عليه من تلك القواعدِ ([1]) والأصولِ
وبنى اجتهادَه وتفسيرَه وتأويلاتِه للنُّصوصِ على أساسِها، فهو مسلم، ملتزِمٌ
بكتابِ اللهِ وسُنَّةِ رسولِه...» ا هـ.
نقول: ضابطُ الإسلامِ قد بيَّنه الرسولُ صلى الله عليه وسلم، في حديثِ جبريل
وهو: «أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ
إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ،
وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ
اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» ([2])([3])، فالمسلمُ
هو الملتزِمُ بالإسلام، المُقيمُ لأركانِه، فلا حاجةَ إلى هذا التَّعريفِ الذي
ذكَرَه مع تعريفِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ إنَّ تعريفَه فيه إجمالٌ
وعدمُ وضوحٍ، فهو يُتيحُ لكلِّ أحدٍ أن يُفسِّرَ الإسلامَ بما يُريد.
يدُلُّ على ذلك قولُه فيما بعد: «نَعَم
إنَّ من قواعدِ هذا المنهجِ ما قد يخضع فهمَه للاجتهادِ ومن ثَمَّ فقد وقَع
الخلافُ إلخ...» فهلِ الإسلامُ قابلٌ للاخْتِلاف؟ كَلاَّ بل إنَّ أصولَ
الإسلامِ والعقيدةِ ليسَتْ مجالاً للاجتهادِ والاختلاف، وإنَّما هذا في المسائلِ
الفَرْعيَّة، فمَن خالَفَ في أصولِ الدِّينِ وعقيدتِه فإنَّه يُكَفَّر أو يُضَلَّل
بحسَبِ مُخَالفتِه؛ لأنَّ مدارَها على النَّصِّ والتَّوقيفِ ولا مُسوِّغَ
للاجتهادِ فيها.
***
([1])يعني القواعد التي قال إن السلف كانوا يحتكمون إليها.