×
تَعْقيباتٌ على كتابِ السَّلَفيَّة ليسَتْ مَذْهبًا

 التَّعقيـبُ التَّـاسع عشَـر

****

قولُه في صفحتي 101، 102: «إنَّ الشَّفاعةَ في حقِّ كثيرٍ من العُصَاةِ والمُذْنبين مِيزةٌ ميَّزَ اللهُ بها نبيَّه عن سائرِ الرُّسل...» ا هـ.

هذا كلامٌ غيرُ صَحيح، فإنَّ الشَّفاعةَ في عُصَاةِ المُوحِّدين ليستْ خاصَّةً بنبيِّنا صلى الله عليه وسلم، بل ليستْ خاصَّةً بالأنبياء، وإنَّما الخاص به صلى الله عليه وسلم، الشَّفاعةُ العُظْمى التي هي المقامُ المحمود، فقد صَحَّ أنَّ الملائكةَ يشفعون، والأنبياءَ يشفعون، والأولياءَ يشفعون.

وفي الحديثِ الذي رواه مسلمٌ أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال: «فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً لِلهِ فِي اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِلهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِإخْوَانِهِمُ الَّذِينَ فِي النَّارِ، يَقُولُونَ: رَبَّنَا، كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ، فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النَّارِ، فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا...» الحديث. وفيه: فيقولُ الله ُ عز وجل: «شَفَعَتِ الْمَلاَئِكَةُ وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ» ([1]). إلى آخِر الحديث. [انظر صحيح مسلم بشرح النووي (3/ 31- 32)]، ولكن لا بُدَّ للشَّفاعةِ من شَرْطين.

الشَّرط الأوَّل: إذْنُ اللهِ للشَّافعِ أنْ يشفَعَ، قال تعالى: {مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ} [البقرة: 255]، والشَّرط الثَّاني: رِضَى اللهِ عنِ المشفوعِ فيه بأنْ يكونَ من أهلِ التَّوحيد.. قال تعالى: {وَلَا يَشۡفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ٱرۡتَضَىٰ}  [الأنبياء: 28]، فالكُفَّارُ لا تَنفَعُهم الشَّفاعة، قال تعالى: {فَمَا تَنفَعُهُمۡ شَفَٰعَةُ ٱلشَّٰفِعِينَ}  [المدثر: 48].

***


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (183).