ولو صَحَّ قولُ الدكتور
هذا ما كُفِّر أحدٌ بأيِّ قولٍ أو فِعلٍ مهما بلَغَ من القُبحِ والشَّناعةِ
والكُفرِ والإلحادِ حتَّى يُشقَّ عن قلبِه، ويُعلَمُ ما فيه من اعتقاد، وعلى هذا
فعَمَلُ المُسلمين على قتالِ الكَفَرةِ وقتلِ المُرْتَدِّين خطأٌ على لازِم قولِ
الدكتور؛ لأنَّهم لم يعلَموا ما في قلوبِهم وهلْ هم يعتقدون ما يقولون وما يفعلون
من الكُفرِ أو لا؟!
واسْتمِعْ إلى عبارتِه في ذلك حيثُ يقول: «وخُلاصَةُ المشكلةِ أنَّه -يعني
شيخَ الإسلامِ ابنَ تيمية- ومَن يُقلِّدُه في نَهجِه يَظلُّون يُآخذُون ابنَ عربي
وأمثالَه بلازِم أقوالِهم دونَ أن يحملوا أنفسَهم على التأكُّدِ من أنَّهم
يَعتقدُون ([1]) فعلاً ذلك
اللاَّزِمَ الذي تَصوَّرَه... ثم قال: «إمَّا أن يكونَ في كتبِ ابنِ عربي كلامٌ
كثيرٌ يُخالفُ العقيدةَ الصَّحيحةَ ويُوجِب الكُفرَ فهذا ما لا رِيبةَ فيه ولا
نِقَاش فيه، وإمَّا أنْ يدُلَّ ذلك دلالةً قاطعةً على أنَّ ابنَ عربي كافرٌ وأنَّه
ينطلِقُ في فَهْمِ الشُّهودِ الذَّاتي من أصْلٍ كُفْري هو نَظريَّةُ الفَيْض، فهذا
ما لا يَملِكُ ابنُ تيميَّةَ ولا غيرُه أيَّ دليلٍ قاطعٍ عليه». انتهى.
وإنَّما سُقْتُ هذا المقطعَ من كلامِه لإطلاعِ القارئ على ما فيه من
تَخبُّطٍ وتَنَاقُضٍ ومُناقَضةٍ لأدِلَّةِ الكتابِ والسُّنَّة وعملِ المسلمين على
كُفرِ مَن قال كلمةَ الكُفرِ غيرَ مُكرَهٍ، قال تعالى: {وَلَقَدۡ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلۡكُفۡرِ
وَكَفَرُواْ بَعۡدَ إِسۡلَٰمِهِمۡ} [التوبة: 74].
ويلزَمُ من هذا أيضًا أنَّه لا يُحكَم بإسلامِ كافرٍ، إذا نَطَق بالشَّهَادَتين حتَّى يعلمَ ما في قلبِه هل يعتقدُها أو لا؟! ولوازِمُ هذا كثيرة، ويلزَمُ عليه أنَّ مَن دَعَا غيرَ اللهِ لا يُكفَّرُ حتى يُعلَمَ ما في قلبِه.
([1])سبحان الله ومن يعلم عقائدهم.