ثُمَّ اعتذرَ عنِ ابنِ عربي بأنَّ في كتبِه كلامًا آخر يُناقِضُ كلامَه
الكُفْري، ونحنُ نقولُ له إجابة عن ذلك: هل ثبَتَ لديكَ أنَّه رجَعَ عن كلامِه
الكُفْري، وأنَّه كتَبَ هذا الكلامَ الذي يُناقِضُه بعدَ ما تابَ أو أنَّه كتبَه
من بابِ التَّغطيةِ والتَّلبيس؟ ثُمَّ أنتَ لم تأتِ بشاهدٍ على ما قُلتَ من
كلامِه.
ثُمَّ قال: «وإذا أَبَى ابنُ تَيْميةَ -يرحمُه الله- إلا أنْ يَحمِلَنا على
تكفيرِ ابنِ عربي استدلالاً بالكُفْريَّات الموجودةِ في كلامِه والإعراضِ عن
الصَّفحاتِ الطِّوالِ التي تُناقِضُها وتَرُدُّ عليها في مُختلَفِ كُتبِه وأقوالِه
فإنَّها لدعوةٍ منه بلا ريبَ إلى أن نُكفِّرَه هو الآخرُ استدلالاً بالضَّلاَلاتِ
الفلسفيةِ التي انزلقَ فيها». ويعني بذلك المسألةَ التي سَبَق ذكرُها وهي قولُ
الشَّيخ: «إنَّ أفعالَ اللهِ سبحانه ليسَ لها بداية».
ونقولُ: يا سبحان اللهِ هل وَصْفُ الرَّبِّ بما يَستَحقُّه من الكمالِ
بدوامِ أفعالِه وكمالِه أزلاً وأبدًا وتَنزيهُه عن التَّعطيلِ الذي وَصَفه به أهلُ
الضَّلالِ مِن قولِهم: «إنَّه -تعالى اللهُ عمَّا يقولون- مَضَى عليه وقتٌ لم
يفعلْ شيئًا ثُمَّ حدَث له الفِعلُ بعد ذلك» هل هذا هو قولُ الفلاسفةِ الذين
يقولون بقِدمِ العالَمِ وإنكارِ الخالق؟ إنَّ الضَّلالَ هو قولُ من يُعطِّلِ اللهَ
من أفعالِه ويَضرِبُ له مُدَّة لا يفعلُ فيها شيئًا كما هو قولُ علماءِ الكلام.
وإنَّ قولَ ابنِ تيميَّةَ هو الحقُّ وقولُ أهلِ الحَق، وأين خَطؤُه -لو كان خطأً على فَرْض- من كُفْرياتِ ابنِ عربي وقَوْله بوِحْدةِ الوجودِ وأنَّ مَن عبَد الأصنامَ ما عَبَد إلا الله، ثُمَّ إنَّ شيخَ الإسلامِ ابنَ تيميَّة -يرحمُه الله- لم ينفرِدْ بتكفيرِ ابنِ عربي، بل قد كفَّرَه كثيرٌ من العلماءِ حتَّى من