التَّعقـيب التـَّـاسع
والثَّلاثـون
****
في صفحتي 239، 240 تكلَّم عن زيارةِ القبْرِ النَّبوي على صاحبِه أفضلُ
الصَّلاةِ والسَّلامِ فقال: «وَلكَم اتُّهِمْنا واتُّهِم كثيرٌ من المسلمين من
أهلِ السُّنةِ والجماعةِ بالابتداعِ والمُرُوقِ؛ لأنَّنا ذهبْنا إلى ما ذَهَب إليه
الجمهورُ من علماءِ السَّلفِ وغيرهم من أنَّه لا ضَيرَ في أنْ يعزِمَ الرَّجلُ على
زيارةِ كلٍّ مِن قبرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ومسجدِه» -كذا قال-.
والجوابُ أن نقولَ: إنَّ زيارةَ قبْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، من غيرِ سفرٍ سُنَّة، وليسَتْ بِدعة، ولم يقُلْ أحدٌ إنَّها كانتْ على هذه الصِّفةِ؛ فهي بِدعةٌ ومُرُوق، أمَّا السَّفرُ لزيارةِ قبرِه صلى الله عليه وسلم، فهو بِدعة؛ لأنَّه لا يجوزُ السَّفرُ لأجْلِ زيارةِ القُبُور، لا قبرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولا قبْرِ غيرِه من الأولياءِ والصَّالحينَ أو الأقارب، لقولِه صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الأَْقْصَى» ([1])، وعملاً بِهذا الحديثِ لم يكُنِ السَّلفُ والأئمةُ الأربعةُ وغيرُهم من الأئِمَّةِ المُقتَدَى بهم يُسافرُون من أجْلِ زيارةِ القُبُور، وقد أَوغَل الدُّكتور في الخَطأ حينَ ادَّعى أنَّ مذهَبَ الجمهورُ من عُلماءِ السَّلفِ وغيرِهم أنَّه لا ضَيرَ فِي أنْ يعزِمَ الرَّجلُ على هذا، فإنْ كان قصْدُه العزْمَ على السَّفرِ لزيارةِ قبرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فعلماءُ السَّلفِ يَنْهون عمَّا نَهَى عنْه الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم، من السَّفرِ لزيارةِ القبورِ عُمُومًا، قبرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وغيرِه.
الصفحة 1 / 57