الوَجْه الأوَّل: أنَّ هذا لم يَثبُتْ عنه؛ لأنَّه من روايةِ البَيْهقي،
والبَيْهَقي -يرحمُه الله- يَتأوَّلُ بعضَ الصِّفاتِ فرُبَّما تَساهَل في
النَّقْل، ولو ثَبَت عن حمَّادٍ هذا التأويلُ فهو مَردودٌ بمَا أجمَعَ عليه
السَّلفُ من إثباتِ النُّزولِ على حقيقتِه.
الوجه الثاني: أنَّه لا تَنَافي بينَ إثباتِ النُّزولِ على حقيقتِه
وإقبالِ اللهِ عز وجل على عبادِه، فيُقالُ يَنزِل ويُقبِلُ على عبادِه، وليس في
هذا حَمْلٌ على المَجازِ كما يَظُنُّ الدُّكتور.
3- نسَبَ إلى شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ وغيرِهِ أنَّهم قد يُفسِّرون الوَجهَ بالجِهةِ أو القِبلةِ أو الذَّات، وظَنَّ أنَّ هذا تأويلٌ للوجْهِ الذي هو صفةٌ من صفاتِ اللهِ عز وجل الذَّاتية، وهذا الظَّنُّ منه خطأٌ واضِحٌ، فهؤلاء الأئِمَّةُ لم يقصدوا ما تَوهَّمه؛ لأنَّ الوجهَ لفظٌ مشترَكٌ، تارةً يُرادُ به الوجهُ الذي هو الصِّفة الذَّاتية، وتارةً يُرادُ به الدِّينُ والقَصْد، وتارةً يُرادُ به الجِهةُ والوِجْهَة، وسِياقُ الكلامِ هو الذي يُحدِّدُ المقصودَ في كلِّ مكانٍ بحَسْبِه، فإذا فَسَّر الوجهَ في موضعٍ بأحدِ هذه المعاني لدليلٍ اقتضى ذلك من دِلالةِ السِّياقِ أو غيرِه، صَحَّ ذلك ولم يكُنْ تأويلاً، بل هو تَفسيرٌ لذلك النَّصِّ وبيانٌ للمرادِ به، وبما ذَكَرنا يَتبيَّن أن ما ذَكَره الدُّكتور من جوازِ حملِ آياتِ الصِّفاتِ وأحاديثِها على المعنى المجازِي وصَرْفِها عن ظاهِرِها أنَّه قولٌ غيرُ صحيحٍ وأنَّه لا مُستنَدَ له فيما ذكَرَه عن بعضِ السَّلف، إمَّا لأنَّه لم يصِحّ عنهم أو لأنَّهم لم يقصِدوا ما تَوهَّمه.