×
المنتقى من فتاوى الجزء الثاني

حُكْمُ قراءَةِ الفاتحةِ للمَأْمُومِ في الصَّلاة الجهريَّةِ

س128- هلْ يجبُ على المَأْموم في الصَّلاةِ الجهريَّةِ أَنْ يقرأَ الفاتحةَ، ومتى يقرأُها وما مدى صِحَّةُ هذا الحديثِ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ بَعْضُ الْمَأْمُومِيْنَ خَلْفَهُ يَقْرَؤُونَ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ لَهُمْ مُعَاتِبًا: «مَا لِي أُنَازَعُ فِي الْقُرْآنِ» ([1]) ثُمَّ قَالَ: «إِمَامُكُمْ ضَمِيْنٌ عَلَى صَلاَتِكُمْ» أَوْ كما قال صلى الله عليه وسلم، فإِنْ كان هذا صحيحًا فهل المرادُ به قراءَةُ الفاتحةِ أَمْ ماذا؟ ثمَّ كيف نجمع بين هذا وبين قولِه في حديث آخَرَ: «لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ» ([2])؟.

اختلف العلماءُ في حُكْمِ قراءَةِ الفاتحةِ في حقِّ المأْموم، فمِنْهُمْ مَن يرى أَنَّها واجبةٌ وأَنَّه لا يجوز له تركُها، ومنهم مَن يرى أَنّ الإِمامَ يتحمَّل قراءَةَ الفاتحةِ عن المَأْموم، ويستحبُّ له قراءَتُها في سَكْتَاتِ الإِمام وفي الصَّلاةِ السِّريَّةِ، ومنهم مَن أَوْجَبَ قراءَةَ الفاتحةِ على المَأْموم في الصَّلاة السِّريَّةِ دون الجهريَّةِ؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ [الأعراف: 204]، وهذا القولُ في نظري أَرْجحُ؛ لأَنَّه به تجتمع الأَدلَّةُ فتُحْمَلُ الأَحَاديثُ التي تُوجب القراءَةَ على المَأْموم في حالة الصَّلاة السِّريَّةِ وتُحْمَلُ الأَحَاديثُ التي تُسْقِطُ وجوبَ قراءَةِ الفاتحةِ عن المَأْموم في حالة الصَّلاةِ الجهريَّةِ؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ، فَقِرَاءَتُهُ لَهُ قِرَاءَةٌ» ([3]).


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (826)، والترمذي رقم (312)، وأحمد رقم (7270).

([2])أخرجه: البخاري رقم (756)، ومسلم رقم (394).

([3])أخرجه: ابن ماجه رقم (850)، وأحمد رقم (14643)، والدارقطني رقم (1233).