حُكْمُ مَن مات وعليه دَيْنٌ
س344-
إِذا مات الوالدُ وبذِمَّتِه دَيْنٌ وقال ابنُه لصاحب الدَّيْن إِنَّ دَيْنَك في ذِمَّتي
أَمامَ الله وعبادِه فهل يخرج هذا الدَّينُ من ذمَّةِ الوالدِ المُتوفَّى؟ أَفيدونا
جزاكم الله خيرًا.
*
وفاءُ الدَّينِ عن الميِّت، إِذا لم يكن له تَرِكَةٌ مِن أَعْظم
الإِحْسان وفِعْلِ الخير وهذا من التَّعاوُنِ بين المسلمين ومن نفعِ الأَمْوات بإِبْراءِ
ذِمَّتِهم، أَمَّا ذِمَّةُ الميِّت: فإِنَّها لا تُبْرَأُ بمجرَّد التَّحمُّل
بل لا تُبْرَأُ إلاَّ بالتَّسْديد فإِذَّا سدَّد الدَّيْنَ عن الميِّت بَرِئَتْ ذِمَّتُه
والدَّليلُ على ذلك أَنَّ جنازةً قُدِّمَتْ إِلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ليُصلِّيَ
عليها فسَأَلَ هلْ عليها دَيْنٌ؟ فقالوا: نَعَمْ عليها دِيْنارَانِ فتَأَخَّرَ النَّبيُّ
صلى الله عليه وسلم وقال: «صلُّوا على صَاحِبِكُمْ»، فقال أَبُو قَتَادَةَ:
هِي عَلَيَّ يا رَسُولَ اللهِ أَوْ هُمَا عَلَيَّ يا رَسُولَ الله فتَقدَّمَ النَّبِيُّ
صلى الله عليه وسلم وبَعْدَمَا دُفِنَ، ولَقِيَ أَبُو قَتَادَةَ النَّبِيَّ صلى الله
عليه وسلم سَأَلَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا فَعَلَتِ الدِّيناراتُ»
فأَبُو قَتَادَةَ كأَنَّه رَأَى أَنَّ المُدَّةَ قريبةٌ يعني لم يمضِ وقتٌ طويلٌ ثمَّ
إِنَّه رضي الله عنه مضى وسدَّدها ثمَّ جاءَ وأَخْبر النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم
بأَنَّه سدَّدها فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «الآنَ بَرَّدَتْ عَلَيْهِ
جِلْدَتَهُ» ([1]).
فدلَّ
هذا على أَنَّ تحمُّلَ الدَّيْن عن الميِّت لا تَبْرَأُ به ذِمَّتُه حتى يُسدَّدَ عنه
ولكن هذا عملٌ طيِّبٌ ويُثاب عليه المسلمُ وإِذا تحمَّله فإِنَّه يجب عليه المبادرةُ
بتسديده لإِراحة الميِّت من ارْتِهانِه بدَيْنِه.
****
([1])أخرجه: أحمد رقم (14536)، والحاكم رقم (2346)، والبيهقي رقم (11401).
الصفحة 13 / 577