الصَّلاة،
وأَنْ تتعقَّل الصَّلاةَ، هذا هو الواجبُ عليك، وإِنْ حصل منك بعضُ الهواجسِ أَوْ بعضُ
الأَفْكارِ ثمَّ طَرَحْتَها عنك وعَاوَدْتَ اسْتِحضارَ الصَّلاة والحضورَ فيها؛ فإِنَّ
هذا لا يضرُّك إِنْ شاءَ الله، أَمَّا أَنْ تُصلِّيَ صلاةً احتياطيَّةً؛ فهذا غيرُ
مشروعٍ.
السَّببُ في جَعْلِ صلاتيْ الظُّهْرِ والعصرِ سرًا
والفجرِ والمغربِ والعشاءِ جهرًا
س347-
ما سببُ صلاةِ الظهر والعصر سرًا في القراءَةِ وباقي الصَّلواتِ الفجرِ والمغربِ والعشاءِ
جهرًا؟
*
أَوَّلاً: الواجبُ على المسلم أَنْ يعملَ ما وَرَدَ عن النَّبيِّ صلى
الله عليه وسلم وإِنْ لم يعرفْ الحِكْمةَ لأَنَّ الواجبَ الامتثالُ سواءٌ عرفنا الحِكْمةَ
أَوْ لم نعرفها. فمعرفةُ الحِكْمةِ أَمْرٌ ثانويٌّ وزيادةُ فائِدةٍ وإِلاَّ فالواجبُ
الامتثالُ ومن ذلك الإِسْرارُ في صلاة النَّهار والجهرِ في صلاة اللَّيل في القراءَة.
اللهُ أَعْلمُ ما الحِكْمَةُ في ذلك. ولكنْ ربَّما يكون مِن الحِكْمةِ واللهُ أَعْلمُ
أَنَّ صلاةَ اللَّيْلِ يُجْهر فيها لأَنَّ هذا أَدْعى إِلى الخشوع؛ ولأَنَّ قراءَةَ
صلاةِ اللَّيل أَقْربُ إِلى التَّدبُّر لهدوءِ الأَصْوات في اللَّيل وانقطاعِ الشَّواغل.
فإِذا جهر بالقراءَةِ كان ذلك أَدْعى للتَّدبُّر والخشوعِ، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيۡلِ
هِيَ أَشَدُّ وَطۡٔٗا وَأَقۡوَمُ قِيلًا﴾
[المزمل: 6].
فالصَّلاةُ
باللَّيل لها مَزِيَّةٌ والجهرُ فيها بالقُرْآنِ له مَزِيَّةٌ لأَنَّه وقتٌ تنقطع فيه
الشَّواغلُ، ويَهْدَأُ فيه البالُ ويتفرَّغ الإِنْسانُ للتَّدبُّر بخلاف النَّهار.
فإِنَّه وقتُ الاشتغال ووقتُ الأَصْوات فيكون الإِنْسانُ مشغولاً عن التَّدبُّر في
الغالب.