الطَّائِرة
ويعملَ السُّنَنَ التي تُفعل قبلَ الإِحْرام؛ من الاغتسال والتَّنْظف والتَّطيُّب وإِعْدادِ
الإِنْسان نفسَه للإحرام، ثمَّ إِذا قارب الميقاتَ فإِنَّه يُحْرِمُ من حذائِه أَوْ
قبله بقليلٍ؛ احتياطًا ويتلبَّس بالنُّسُك الذي يريد ولا يُؤَخِّر الإِحْرامَ إِلى
مطار جِدَّة كما يتوهمه بعضُ النَّاس، فإِنَّ جِدَّةَ ليست ميقاتًا إلاَّ لأَهْلِها
ولمن نَوَى النُّسُكَ منها، ولم يسبق له نيَّتُه قبل وصوله إِليها.
وبمناسبة
ما ذكرتَ من أَنَّك تريد زيارةَ مسجد الرَّسول صلى الله عليه وسلم، قبل الحجِّ وتُحْرِمُ
من ميقات أَهْل المدينة إِذا رجعت، فهذا عمل جائِزٌ، فمن قدِم إِلى جِدَّة وهو يريد
الذِّهابَ إِلى المَدِيْنَةِ فإِنَّه يُحرم من ميقاتِ المَدِيْنَةِ إِذا رجع منها،
ولكنَّك تذكر أَنَّ الزِّيارةَ تعذَّرتْ في هذا الوقت، وأَنَّك لم يبق أَمامَك إلاَّ
الإِحْرام للحج، فالواجبُ في هذه الحالةِ عليك أَنْ تُحرمَ من المكان الذي عزمتَ على
الذِّهاب إِلى مَكَّةَ منه، وهو جِدَّة، أَمَّا تَأْخيرُ الإِحْرام إِلى الحُديبيَّة
فهذا خطأٌ؛ لأَنَّ الواجبَ أَنْ تُحرمَ من المكان الذي عزمتَ على الذِّهاب إِلى مَكَّةَ
منه، ولا تُؤَخِّره إِلى مكانٍ آخَرَ قريبٍ من مَكَّةَ فبتأْخيرُك للإِحْرام إِلى الحُديبيَّة
تكون قد أَحْرَمْتَ بعد الميقاتِ بالنِّسْبة لك، فعليك فِدْيةٌ وهي ذبحُ شاةٍ تُوزِّعُها
على مساكين الحرم سواءً ذبحتَها بنفسك أَوْ وكَّلتَ من يذبحها عنك، وإِذا كنتَ لا تستطيع
الذَّبْحَ ماليًّا فإِنَّك تصوم عشرةَ أَيَّامٍ؛ لأَنَّك تركتَ الإِحْرامَ من المكان
الذي يجب عليك الإِحْرامُ منه وأَخَّرْتَه إِلى مكانٍ دونه ممَّا يلي مَكَّةَ، والزِّيارةُ
التي يُشرع السَّفرُ لها هي زيارةُ مسجدِ الرَّسول صلى الله عليه وسلم لا زيارةَ قبرِه،
فلا يجوز السَّفرُ بنيَّة زيارةِ القبور لا قبره صلى الله عليه وسلم، ولا قبر غيره،
فقولك: كنتُ أَنْوي زيارةَ قبرِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم قولٌ غيرُ صحيحٍ؛ لقول
النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ:
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ،