المرادُ بالرَّفَثِ
والفسوقِ والجِدالِ؟
*
الحجُّ جهادٌ في سبيل الله، يُنفَقُ فيه المالُ ويُتعَبُ فيه البَدَنُ، ويُتْرَكُ
من أَجْلِه الأَوْلادُ والبلادُ؛ إِجابةً لداعي الله وتلبيَّةً لندائِه على لسانِ خليلِه
إِبْرَاهِيْمَ عليه الصلاة والسلام حين قال الله له: ﴿وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَجِّ يَأۡتُوكَ رِجَالٗا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٖ يَأۡتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٖ ٢٧ لِّيَشۡهَدُواْ مَنَٰفِعَ لَهُمۡ وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ
أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۖ
فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡبَآئِسَ ٱلۡفَقِيرَ ٢٨ ثُمَّ لۡيَقۡضُواْ تَفَثَهُمۡ وَلۡيُوفُواْ نُذُورَهُمۡ
وَلۡيَطَّوَّفُواْ بِٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ﴾
[الحج: 27- 29]
*
ونَحْنُ الآن في أَشْهُرِ الحجِّ التي جَعَلَها اللهُ ميقاتًا للإِحْرام به والتَّلبُّسِ
بنُسُكِه، قال تعالى: ﴿ٱلۡحَجُّ
أَشۡهُرٞ مَّعۡلُومَٰتٞۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ
وَلَا جِدَالَ فِي ٱلۡحَجِّۗ وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰۖ
وَٱتَّقُونِ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ﴾ [البقرة:
197]، يخبر تعالى أَنَّ الحجَّ يقع في أَشْهُرٍ معلوماتٍ وهي شَوَّالُ، وذُو القَعَدَةِ،
وعشرةُ أَيَّامٍ من ذي الحِجَّة، وقال تعالى: ﴿مَّعۡلُومَٰتٞۚ﴾لأَنَّ النَّاسَ يعرفونها من عهد إِبْرَاهِيْمَ
وإِسْمَاعِيْلَ عليهما الصَّلاةُ والسَّلامُ، فالحجُّ وقتُه معروفٌ لا يحتاج إِلى بيانٍ
كما احتاج الصِّيامُ والصَّلاةُ إِلى بيانِ مواقيتهما.
* وقولُه تعالى: ﴿فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ﴾ [البقرة: 197] معناه: من أَحْرَمَ بالحجِّ في هذه الأَشْهرِ سواءً في أَوَّلها أَوْ في وسطِها أَوْ في آخِرِها، فإِنَّ الحجَّ الذي يُحْرِمُ به يصير فرضًا عليه يجب أَداؤُه بفعل مناسكِه ولو كان نفلاً قبل الإِحْرام، فإِن الإِحْرامَ به يُصيِّرُهُ فرضًا عليه لا يجوز له رَفْضُه.