* وقولُه تعالى: ﴿فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي ٱلۡحَجِّۗ﴾ [البقرة: 197] بيانٌ لآداب المُحْرِم
وما يجب عليه أَنْ يتجنَّبَه حالَ الإِحْرامِ بالحجِّ وتصونه عن كلِّ ما يفسده أَوْ
ينقصه من الرَّفث: وهو الجِماعُ ومقدِّماتُه الفعليَّةُ والقوليَّةُ.
والفسوقُ:
هو جميعُ المعاصي، ومنها محظوراتُ الإِحْرام.
والجِدالُ:
هو المحاوراتُ والمنازعةُ والمخاصمةُ؛ لأَنَّ الجدالَ يُثير الشَّرَّ ويُوقع العداوةَ
ويُشغل عن ذكر الله، والمقصودُ من الحجِّ الذِّلُّ والانكسارُ بين يدي الله وعند بيتِه
العتيقِ ومشاعرِه المقدَّسةِ، والتَّقرُّبُ إِلى الله بالطَّاعات وتركُ المعاصي والمحرَّماتِ
ليكون الحجُّ مبرورًا.
* فقد صحَّ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّ الْحَجَّ الْمَبْرُورَ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلاَّ الْجَنَّةَ» ([1])، ولمَّا كان التَّقرُّبُ إِلى الله تعالى لا يتحقَّق إلاَّ بترك المعاصي وفعلِ الطَّاعات، فإِنَّه سبحانه بعد أَنْ نهى عن المعاصي في الحجِّ أَمَرَ بعمل الطَّاعات، فقال تعالى: ﴿وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ﴾ [البقرة: 197]، وهذا يتضمَّنُ الحثَّ على أَفْعال الخير، خصوصًا في أَيَّامِ الحجِّ، وفي تلك البِقاعِ الشَّريفةِ والمشاعرِ المقدَّسةِ وفي المسجد الحرامِ، فإِنَّ الحسناتِ تُضاعف فيها أَكْثرَ من غيرها، كما ثبت أَنَّ الصَّلاةَ الواحدةَ في المسجد الحرامِ أَفْضلُ من الصَّلاة فيما سواه من المساجد.
([1])أخرجه: البخاري رقم (1773)، ومسلم رقم (1349).