وَتَعَلَّقَت الاسْتِعَاذَةُ فِي أَوَائِلِ
القُرْآنِ بِاسْمِهِ الإِلَهِ وَهُوَ المَعْبُودُ وَحْدَهُ؛ لاِجْتِمَاعِ صِفَاتِ
الكَمَالِ فِيهِ، وَمُنَاجَاةُ العَبْدِ لِهَذَا الإِلَهِ الكَامِلِ ذِي
الأَسْمَاءِ الحُسْنَى وَالصِّفَاتِ العُلْيَا، المَرْغُوبِ إِلَيْهِ فِي أَنْ
يُعِيذَ عَبْدَهُ الَّذِي يُنَاجِيهِ بِكَلاَمِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الحَائِلِ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُنَاجَاةِ رَبِّهِ، ثُمَّ اسْتُحِبَّ التَّعَلُّقُ بِاسْمِ
الإِلَهِ فِي جَمِيعِ المَوَاطِنِ الَّتِي يُقَالُ فِيهَا: «أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ»؛ لأَِنَّ اسْمَهُ «اللهَ» - تَعَالَى - هُوَ الغَايَةُ
لِلأَْسْمَاءِ.
وَلِهَذا
كَانَ كُلُّ اسْمٍ بَعْدَهُ لاَ يَتَعَرَّفُ إِلاَّ بِهِ، فَتَقُولُ: اللهُ هُوَ
السَّلاَمُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ.
****
الشرح
قوله
رحمه الله:
«وَتَعَلَّقَت الاسْتِعَاذَةُ فِي
أَوَائِلِ القُرْآنِ بِاسْمِهِ الإِلَهِ» قال الله تعالى: {فَإِذَا
قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ ٱلرَّجِيمِ} [النحل: 98]، ولم يقل: «استعذ بالرب»؛ بل قال: {فَٱسۡتَعِذۡ
بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ ٱلرَّجِيمِ}،
فقد استعاذ بالله عز وجل.
قوله
رحمه الله:
«فِي أَنْ يُعِيذَ عَبْدَهُ الَّذِي
يُنَاجِيهِ بِكَلاَمِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الحَائِلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُنَاجَاةِ
رَبِّهِ» الاستعاذة بالله من الشيطان، وهو المارد من الجن، وكذلك المارد من
الدواب يقال لها: شيطان، وكذا المارد من بني آدم أيضًا يقال له: شيطان.
وفي حديث أبي ذر، قال: دخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، فجئت فجلست إليه، قال: «يَا أَبَا ذَرٍّ، تَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّ شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالإِْنْسِ» قلت: وللإنس شياطين؟ قال: «نَعَمْ» ([1]).
الصفحة 1 / 309