وَيخْرجُ هَذَا التَّوْحِيد عَنِ اتِّبَاع
الهَوَى؛ فَكُلُّ مَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ فَقَدِ اتَّخَذَ هَوَاهُ مَعْبُودَهُ
قَالَ الله تعالى: {أَفَرَءَيۡتَ
مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ}
[الجاثية: 23].
وَإِذَا
تَأَمَّلْتَ عَرَفْتَ أَنَّ عَابِدَ الصَّنَمِ لَمْ يَعْبُدْهُ، وَإِنَّمَا عَبَدَ
هَوَاهُ، وَهُوَ مَيْلُ نَفْسِهِ إِلَى دِينِ آبَائِهِ فَيَتَّبِعُ ذَلِكَ
المَيْلَ، وَمَيْلُ النَّفْسِ إِلَى المَأْلُوفَاتِ أَحَدُ المَعَانِي الَّتِي
يُعبَّرُ عَنْهَا بِالهَوَى.
****
الشرح
قوله
رحمه الله:
«فَكُلُّ مَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ فَقَدِ
اتَّخَذَ هَوَاهُ مَعْبُودَهُ» كل من اتبع هواه فيما يخالف أمر الله سبحانه
وتعالى فقد عبد هواه؛ قال تعالى: {أَرَءَيۡتَ
مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيۡهِ وَكِيلًا} [الفرقان: 43]، وقال: {أَفَرَءَيۡتَ
مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلۡمٖ وَخَتَمَ
عَلَىٰ سَمۡعِهِۦ وَقَلۡبِهِۦ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِۦ غِشَٰوَةٗ فَمَن يَهۡدِيهِ
مِنۢ بَعۡدِ ٱللَّهِۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [الجاثية: 23]، وفي الحديث الذي ذكره النووي في
الأربعين: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ
حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لَمَّا جِئْتُ بِهِ» ([1]).
فالذي يأخذ من الشرع ما يوافق هواه ورغبته، ويترك ما يخالف هواه ورغبته؛ قد اتخذ إلهه هواه -والعياذ بالله - وهذا يحدث خصوصًا في هذا الزمان؛ فهم يأخذون ما يوافق أهواءهم ويرضيهم، وما يخالف أهواءهم ورغباتهم ينقضونه ويتركونه.
الصفحة 1 / 309