قوله
رحمه الله: «وَإِذَا
تَأَمَّلْتَ عَرَفْتَ أَنَّ عَابِدَ الصَّنَمِ لَمْ يَعْبُدْهُ، وَإِنَّمَا عَبَدَ
هَوَاهُ، وَهُوَ مَيْلُ نَفْسِهِ إِلَى دِينِ آبَائِهِ» فعباد الأصنام يعلمون أنها لا تخلق ولا ترزق، ولا تحيي ولا تميت، ولا
تدبر من الأمر شيئًا، وإنما يقولون: هذه وسائط بيننا وبين الله لقضاء حوائجنا،
وإلا فنحن نعلم أنهم لا يخلقون ولا يرزقون ولا يدبرون!
وهذه
الأصنام لا يعبدونها لذاتها، وإنما يعبدونها على أنها ترمز لمن يعبدونهم من
الملائكة، أو من الأنبياء أو من الرسل، فيجعلون أصنامًا تمثل هذه المعبودات وترمز
إليها، كما فعل قوم نوح؛ فصوروا صورًا ترمز إلى الصالحين، وعبدوهم من دون الله عز
وجل بحجة أنهم يشفعون لهم عند الله!
والدافع
إلى هذا هو الهوى، الدافع لأن يعبد الصنم هو هواه، اتبع هواه، يقال له: «لا تعبد إلا الله»، ولكن هواه لا يطيع،
ويريد أن يعبد مع الله غيره، فيتبع هواه، والمشركون اتبعوا أهواءهم: {فَإِن
لَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهۡوَآءَهُمۡۚ} [القصص: 50]؛ فكل
المشركين اتبعوا أهواءهم، ما اتبعوا كتابًا أو سنة أو دليلاً، وإنما يتبعون ما
تهواه أنفسهم، {إِن
يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَمَا تَهۡوَى ٱلۡأَنفُسُۖ} [النجم: 23] فكل المشركين يتبعون أهواءهم؛ لأنهم ليس
لهم دليل ولا برهان على ما عبدوا من دون الله: {وَمَن يَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا
ءَاخَرَ لَا بُرۡهَٰنَ لَهُۥ بِهِۦ}
[المؤمنون: 117].
فبالبراهين والأدلة على التوحيد، وأما الشرك فليس عليه برهان ولا دليل؛ بل هو اتباع للهوى، وتقليد للآباء والأجداد فقط، فليس لديهم أي دليل، بل إنهم يعتمدون على الحكايات،