×
إفَادَة الْمُسْتَفِيد فِي شَرْحِ تَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ الْمُفِيد

 وَإِذَا تَأَمَّلَ اللَّبِيبُ الفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الأَقْوَالِ وَبَيْنَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ صَرِيحُ الوَحْيِ؛ عَلِمَ أَنَّ اللهَ - تَعَالَى - إِنَّمَا خَلَقَ الخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ الجَامِعَةِ؛ لِكَمَالِ مَحَبَّتِهِ مَعَ الخُضُوعِ لَهُ، وَالانْقِيَادِ لأَِمْرِهِ.

فَأَصْلُ العِبَادَةِ مَحَبَّةُ اللهِ؛ بَلْ إِفْرَادُهُ - تَعَالَى - بِالمَحَبَّةِ، فَلاَ يُحَبُّ مَعَهُ سِوَاهُ، وَإِنَمَّا يُحَبُّ مَا يُحِبُّهُ لأَِجْلِهِ وَفِيهِ، كَمَا يُحَبُّ أَنْبِيَاؤُهُ وَرُسُلُهُ وَمَلائِكَتُهُ؛ لأَِنَّ مَحَبَّتَهُمْ مِنْ تَمَامِ مَحَبَّتِهِ، وَلَيْسَتْ كَمَحَبَّةِ مَنِ اتَّخَذَ مِنْ دُونِهِ أَنْدَادًا يُحِبُّهُمْ كَحُبِّهِ.

****

الشرح

قوله رحمه الله: «وَإِذَا تَأَمَّلَ اللَّبِيبُ الفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الأَقْوَالِ...» إذا تأملت هذا تبين لك الحق، وهو أن الله خلق الخلق لعبادته، قال تعالى: {وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ} [الذاريات: 56] لا لمجرد المشيئة والإرادة، ولا لأن الناس لا يرتبطون بإرادة الله وقدرته، وإنما يفعلون العبادة لمجرد أنهم يريدون الأجر عليها، والثواب عليها كالأجير، والآن نخلص إلى ما هي العبادة؟

فالعبادة هي غاية الحب مع غاية الذل؛ غاية الحب الله، مع غاية الذل لله والخضوع له؛ فلا يكفي الحب من دون تذلل، ولا يكفي التذلل من دون محبة، فلا يكفي واحد دون الآخر، فأنت تحب الزوجة، وتحب المال، وتحب الصديق، وتحب الوالدين، ولكن لا تذل لهم، هذا ليس عبادة، هذه محبة طبيعية، ولا تذل من غير محبة، كما تذل الجبابرة والملوك والطغاة، هذه ليست عبادة، فهذا ذل من دون محبة، فأنت تبغضهم، ولكن تخاف منهم؛ فتذل لهم.


الشرح