النَّوْعُ الثَّانِي: شِرْكُ التَّمْثِيلِ
وَهُوَ شِرْكُ مَنْ جَعَلَ مَعَهُ إِلَهًا آخَرَ؛ كَالنَّصَارَى فِي المَسِيحِ،
واليَهُودِ فِي عُزَيْرٍ، وَالمَجُوسِ القَائِلِينَ بِإِسْنَادِ حَوَادِثِ
الخَيْرِ إِلَى النُّورِ، وَحَوَادِثِ الشَّرِّ إِلَى الظُّلْمَةِ.وَشِرْكُ
القَدَرِيَّةِ المَجُوسِيَّةِ مُخْتَصَـرٌ مِنْهُ.
****
الشرح
لما
فرغ المؤلف رحمه الله من بيان الشرك في توحيد الألوهية الذي هو مثار النزاع بين
الأنبياء وبين أممهم من المشركين، ومعنى «لا
إله إلا الله» توحيد الألوهية، ثم انتقل إلى بيان الشرك الذي وقع في الربوبية،
وهو على نوعين:
النوع
الأول:
شرك التعطيل والجحود؛ جحود الرب سبحانه وتعالى كما حصل من فرعون وغيره من المعطلة،
الذين جحدوا وجود الرب -سبحانه- وجود الخالق، وينسبون هذا الكون إلى الطبيعة، وإلى
الأفلاك، وإلى العقول العشرة، وترهات ليس لها أصل، ولكن يزعمون أنهم فلاسفة، وأنهم
عقلاء، ومع هذا يذهبون هذا المذهب الذي لا يعقل حتى عند المجانين، وحتى البهائم
تعرف أن كل أثر له مؤثر، ولكن كابروا العقول، وكابروا الفطر، فذهبوا إلى أن هذا
الكون ليس له خالق، وأنه نتيجة طبيعة، أو تأثير كواكب أو أفلاك، وما أشبه ذلك من
ترهاتهم.
والنوع الثاني: شرك التمثيل والتشبيه، فهم مثبتون وجود الله سبحانه وتعالى ولكنهم يشبهون به غيره من مخلوقاته، ويمثلون، ويجعلونها مثلاً وعديلاً وشبيهًا لله سبحانه وتعالى هذا شرك التمثيل؛ فالله عز وجل لا مثل له، لا ند، ولا شبيه له، كما أن الله نفى ذلك في آيات كثيرة: {لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} [الشورى: 11]، {هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا} [مريم: 65]،
الصفحة 1 / 309