وَالنَّوْعُ الثَّانِي مِنَ الشـِّرْكِ:
الشِّرْكُ بِهِ - تَعَالَى - فِي الرُّبُوبِيَّةِ؛ كَشِرْكِ مَنْ جَعَلَ مَعَهُ
خَالِقًا آخَرَ؛ كَالمَجُوسِ وَغَيْرِهِم الَّذِينَ يَقُولُونَ بِأَنَّ
لِلْعَالَمِ ربَّيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: خَالِقُ الخَيْرِ، وَالآخَرُ: خَالِقُ
الشَّرِّ. ويقول له المجوس بلسانهم: «أهرمن».
وَكَالفَلاَسِفَةِ وَمَنْ تَبِعَهُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِأَنَّهُ لَمْ
يَصْدُرْ عَنْهُ إِلاَّ وَاحِدٌ بَسِيطٌ، وَأَنَّ مَصْدَرَ المَخْلُوقَاتِ
كُلِّهَا عَنِ العُقُولِ والنُّفوسِ وَأَنَّ مَصْدَرَ هذَا العَالَمِ عَنِ
العَقْلِ الفَعَّالِ، فَهُوَ رَبُّ كُلِّ مَا تَحْتَهُ وَمُدَبِّرُهُ.
****
الشرح
قوله
رحمه الله:
«وَالنَّوْعُ الثَّانِي مِنَ الشـِّرْكِ:
الشِّرْكُ بِهِ - تَعَالَى - فِي الرُّبُوبِيَّةِ» ذكر المؤلف رحمه الله
ثلاثة أنواع من الشرك في الربوبية:
النوع
الأول:
شرك المجوس الذين يجعلون خالقَيْنِ: خالقًا للخير، وخالقًا للشر؛ ولذلك يسمون
بالثنوية.
النوع
الثاني:
شرك الفلاسفة، الذين يجعلون المخلوقات من تدبير العقول العشرة والأفلاك وما أشبه
ذلك.
والفلاسفة
جمع فيلسوف، والفلسفة هي الحكمة بزعمهم، فالفيلسوف هو الحكيم عندهم، ومنبع الفلسفة
وعلم الكلام والمنطق من اليونان، فهم عندهم الفلاسفة؛ كأفلاطون وسقراط، ومن جاء
بعدهم من الفلاسفة.
النوع
الثالث من الشرك في الربوبية: شرك القدرية، وهم المعتزلة الذين يقولون: «إن كل إنسان يخلق فعل نفسه، وليست أفعال
العباد خلقًا لله عز وجل وإنما هي خلقهم هم»! هذا قول المعتزلة، فهم أثبتوا
خالقين متعددين مع الله، المجوس أثبتوا خالقينِ اثنين، والمعتزلة زادوا عليهم
فأثبتوا خالقينَ متعددين مع الله؛ لأن كل إنسان يخلق فعل نفسه،
الصفحة 1 / 309