وَالمَلِكُ: هُوَ الآمِرُ النَّاهِي الَّذِي لاَ
يَخْلُقُ خَلْقًا بِمُقْتَضَى رُبُوبِيَّتِهِ، وَيَتْرُكُهُمْ سُدًى مُعَطَّلِينَ؛
لاَ يُؤْمَرُونَ وَلاَ يُنْهَوْنَ وَلاَ يُثَابُونَ وَلاَ يُعَاقَبُونَ، فَإِنَّ
المَلِكَ هُوَ الآمِرُ النَّاهِي، المُعْطِي المَانِعُ، الضَّارُّ النَّافِعُ،
المُثِيبُ المُعَاقِبُ.
****
الشرح
الله
عز وجل من أسمائه: الرب، فهو الذي يربي عباده بنعمه، ويغذيهم بنعمه، هذا هو
الرب.
ومن
أسمائه:
«الملك»، و «الملك»: هو الذي يأمر وينهى، ويشرع لعباده، والأوامر والنواهي ترجع
إلى اسمه «الملك».
قوله
رحمه الله:
«الَّذِي لاَ يَخْلُقُ خَلْقًا
بِمُقْتَضَى رُبُوبِيَّتِهِ، وَيَتْرُكُهُمْ سُدًى مُعَطَّلِينَ» فمن مصلحتهم
أن يأمرهم بما ينفعهم، وينهاهم عما يضرهم، ولا يتركهم سدًى لا يؤمرون ولا ينهون،
هذا يتنافى في حكمته - سُبْحَانَهُ - ومع رحمته بعباده: أن يتركهم دون أن يشرع لهم
ما ينفعهم، وينهاهم عما يضرهم، ويجعل لهم جزاءً يوم القيامة، يجازي به المؤمنين
بالجنة، ويعاقب الكفار بالنار! لا يليق به -سُبْحَانَهُ- أن يضيع خلقه، وأن يسوي
بين المؤمن والكافر، وبين المطيع والعاصي: {أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجۡتَرَحُواْ ٱلسَّئَِّاتِ
أَن نَّجۡعَلَهُمۡ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ سَوَآءٗ
مَّحۡيَاهُمۡ وَمَمَاتُهُمۡۚ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ} [الجاثية: 21].
خلق الله السموات والأرض بالحق، ما خلق السموات عبثًا، وإنما خلقها بالحق، دالة على وجوب عبادته سبحانه وتعالى وهذا موجود في القرآن: أن الله لا يليق بعدله وحكمته أن يسوي بين الكفار والمؤمنين أبدًا، ولا بين الفجار والأبرار؛ قال تعالى: {وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا بَٰطِلٗاۚ ذَٰلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ ٢٧ أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ كَٱلۡمُفۡسِدِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّارِ ٢٨} [ص: 27، 28]،
الصفحة 1 / 309