وَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ خَصَائِصِ الإِلَهِيَّةِ:
الكَمَالَ المُطْلَقَ مِنْ جَمِيعِ الوُجُوهِ الَّذِي لاَ نَقْصَ فِيهِ بِوَجْهٍ
مِنَ الوُجُوهِ وَذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ تَكُونَ العِبَادَةُ لَهُ وَحْدَهُ عَقْلاً
وَشَرْعًا وَفِطْرَةً فَمَنْ جَعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، فَقَدْ شَبَّهَ الغَيْرَ
بِمَنْ لاَ شَبِيهَ لَهُ، وَلِشِدَّةِ قُبْحِهِ وتَضَمُّنِهِ غَايَةَ الظُّلْمِ
أَخْبَرَ مَنْ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ لاَ يَغْفِرُهُ أَبَدًا.
****
الشرح
قوله
رحمه الله:
«وَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ خَصَائِصِ
الإِلَهِيَّةِ: الكَمَالَ المُطْلَقَ مِنْ جَمِيعِ الوُجُوهِ» فالرب سبحانه
وتعالى هو الكامل من جميع الوجوه، لا نقص يعتريه سبحانه؛ ولهذا نزه نفسه عن
النقائص والعيوب، فقال: {لَا
تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ}
[البقرة: 255]، {ٱلۡحَيِّ
ٱلَّذِي لَا يَمُوتُ}
[الفرقان: 58].
فنزه
نفسه عن كل النقائص، ونزه نفسه عن الوالد والولد، ونزه نفسه عن الصاحبة والزوجة؛
لأن هذه كلها نقائص؛ لأن الزوج بحاجة إلى الزوجة، فهو محتاج لها، والله عز وجل ليس
بحاجة إلى أحد: {أَنَّىٰ
يَكُونُ لَهُۥ وَلَدٞ وَلَمۡ تَكُن لَّهُۥ صَٰحِبَةٞۖ} [الأنعام: 101] يعني: زوجة، من أين يأتي بالولد؟!
فلا أحد يأتيه أولاد إلا من الزوجة.
قوله
رحمه الله:
«وَذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ تَكُونَ
العِبَادَةُ لَهُ وَحْدَهُ عَقْلاً وَشَرْعًا وَفِطْرَةً» فالعبادة يجب أن
تكون للكامل من جميع الوجوه، ولا تكون العبادة للناقص.
قوله رحمه الله: «فَمَنْ جَعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، فَقَدْ شَبَّهَ الغَيْرَ بِمَنْ لاَ شَبِيهَ لَهُ، وَلِشِدَّةِ قُبْحِهِ وتَضَمُّنِهِ غَايَةَ الظُّلْمِ أَخْبَرَ مَنْ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ لاَ يَغْفِرُهُ أَبَدًا» أي: أنه لا يغفر الشرك؛ قال تعالى: {إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ} [النساء: 48] مع أنه أرحم الراحمين،
الصفحة 1 / 309