هذا
مذهب الجبرية، وأول من قال به الجهم بن صفوان، وكذا تقول به الأشاعرة أيضًا: ينفون
الحكمة، ويقولون: «إن الله لا يفعل لأجل
حكمة، وإنما يفعل لمجرد مشيئته وإرادته، ولو عذب المطيع وأكرم العاصي فإن هذا
لمجرد إرادته؛ لأنه يفعل ما يشاء»، وأما أن العاصي يستحق العقاب، والعابد
والمطيع يستحق الثواب؛ فالأمر ليس كذلك عندهم، فهم ينفون الحكمة، وينفون أن يكون
الثواب والعقاب لحكمة، وإنما هو لمجرد المشيئة والإرادة، ويقولون: «إن الله يفعل ما يشاء». نعم، الله يفعل
ما يشاء ولكن لحكمة، يفعل ما يريد لحكمة، فهو لا يسأل عما يفعل؛ لأن أفعاله لحكمة،
فليس لا يسأل عما يفعل أنه يفعل الأشياء لغير حكمة، فهذا تنقص لله عز وجل هؤلاء هم
نفاة الحكمة عن الله عز وجل وأفعاله.
قوله
رحمه الله:
«هَؤُلاَءِ عِنْدَهُمُ القِيَامُ بِهَا
لَيْسَ إِلاَّ لِمُجَرَّدِ الأَمْرِ» لا لأجل الحكمة، ولأجل الثواب والعقاب.
قوله
رحمه الله:
«مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ سَبَبًا
لِسَعَادَةٍ فِي مَعَاشٍ وَلاَ مَعَادٍ، وَلاَ سَبَبًا لِنَجَاةٍ» فالأفعال
والعبادة عندهم ليست سببًا للسعادة، الكفر ليس سببًا للشقاوة، هكذا يقولون! ينفون
الأسباب، وينفون الحكمة، وإنما يردون هذا إلى المشيئة والإرادة فقط، الإرادة
المحضة والمشيئة المحضة، وهذا عين الضلال، وتنقص لله سبحانه وتعالى، ووصف أفعاله
بالعبث.
قوله رحمه الله:«كَمَا قَالُوا فِي الخَلْقِ» وهو من أفعال الله: «لَمْ يُخْلَقْ لِغَايَةٍ وَلاَ لِعِلَّةٍ هِيَ المَقْصُودَةُ بِهِ، وَلاَ لِحِكْمَةٍ تَعُودُ إِلَيْهِ مِنْهُ، وَلَيْسَ فِي المَخْلُوقِ أَسْبَابٌ تَكُونُ مُقْتَضَيَاتٍ لِمُسَبَّبَاتِهَا، وَلَيْسَ فِي النَّارِ سَبَبٌ لِلإِْحْرَاقِ، وَلاَ فِي المَاءِ قُوَّةُ الإِغْرَاقِ وَلاَ التَّبْرِيدِ»