إليه، وحوائِجُهم تُعْرَضُ عليه فإنه سبحانه هو
العليُّ الأعلى بِكُلِّ اعتبارٍ، فلما سَمِعَ المُعَطِّلُ منه ذلك أمسكَ، ثم
أسرَّها في نفسِه، وخَلاَ بشياطينِه، وبَنِي جِنْسِه، وأوحى بعضُهم إلى بعضٍ
زُخْرُفَ القوْلِ غُرورًا وأصنافَ المَكْرِ والاحْتِيال.
ورامُوا أمرًا يَستَحْمِدُون به إلى نُظَرائِهم من أهل البِدَع والضلال، وعقَدُوا مجْلِسًا يُبَيِّتُونَ في مساءِ يومِه ما لا يرضاه اللهُ مِن القولِ واللهُ بما يعملون مُحيطٌ. وأتَوْا في مجلسِهم ذلك بما قَدروا عليه من الهَذَيَانِ واللَّغَطِ والتَّخْلِيط، وراموا استدعاء المُثْبِت إلى مجلسِهم الذي عقَدُوه؛ لِيَجْعَلُوا نُزُلَهُ عند قدومِه عليهم ما لفَّقُوه من المَكْرِ، وتَمَّمُوه، فحَبَسَ اللهُ عنه أيدِيَهُم وألسِنَتَهُم، فلم يَتجاسَرُوا عليه، ورَدَّ اللهُ كيْدَهم في نُحُورِهم فلم يَصِلُوا بالسُّوءِ إليه، وخذلهم المطاع؛ فمَزَّقُوا ما كتَبُوه من المحاضر، وقلبَ اللهُ قُلوبَ أوليائِه وجُنْده عليهم مِن كُلِّ بادٍ وحاضِرٍ، وأخرجَ النَّاس لهم من المُخَبِّآتِ كمائِنَها، ومن الجوائف والمنقلات دفائنها، وقَوَّى اللهُ جأشَ عُقَد المُثْبِت، وثبَّتَ قلْبَهُ ولسانَهُ، وشيَّدَ بالسُّنَّةِ المُحَمَّدِيَّةِ بُنْيَانَهُ، فسَعَى في عَقْدِ مجلسٍ بينَهُ وبين خُصُومِه عندَ السُّلْطان، وحكَمَ على نفسِهِ كُتُب شيوخ القوم السَّالِفين وأئِمَّتهم المُتَقَدِّمِين، وأنه لا يَسْتَنْصِرُ مِن أهل مذْهَبِه بكتاب ولا إِنسَان، وأنه جعل بينه وبينكم أقوال مَنْ قلَّدْتُمُوه، ونصوصَ مَن على غيره من الأئِمَّةِ قدَّمْتُمُوه، وصرَخَ المُثْبِتُ بذلك بين ظهْرَانَيْهِم حتَّى بَلَّغَهُ دَانِيهِمْ لِقاصِيهِم، فلم يُذْعِنُوا لذلكَ، واستَعْفُوا مِن عُقَدِه، فطالبَهُم المُثْبِتُ بواحدةٍ من خلالِ ثلاثٍ: مناظرة في مجلس عالم على شريطةِ العِلْمِ والإنْصاف تحضر فيه النُّصُوص النَّبَوِيَّة والآثار السَّلَفِيَّة وكتب أئِمَّتِكم المُتَقَدِّمِين مِن أهلِ العِلم