فصل
****
والعبدُ عندَهم فليس بفاعلٍ **** بل فِعلُه
كتحرُّكِ الرَّجْفانِ
وَهُبُوبُ رِيحٍ أو تَحَرُّكِ نَائِمٍ **** وَتَحَرُّكِ
الأشْجَارِ لِلْمَيَلاَنِ
والله يُصْلِيهِ على ما ليسَ مِنْ **** أفعالِه حَرَّ
الحَمِيمِ الآنِي
****
هذا مذهب الجبر،
يقولون: إن العبد مجبور على أفعاله ليس له فيها اختيار، وإنَّما هو كتحرُّك
المرتعش، وتحرك الريشة في الهواء، أو الشجر يُحركها الهواء، فالإِنسَان يتحرك لا
باختياره بل هو مجبور، يصلي، ويحج، ويعتمر ليس باختياره، وإنما هو يُحرَّك، هذا
قول الجبرية الذين يغلون في إثبات القَدَرِ حتى سلبوا فعلَ العبد، وجعلوا الفعل
كلَّهُ لله عز وجل، وليس للعباد فعل، ولا اختيار تعالى الله عما يقولون. وهو من
أقوال الجهمية، فالجهمية جمعوا بين الجَبر والإرجاء والتجهُّم، وهو نَفْي الأسماء
والصفات.
يكون الله جل وعلا على هذا القول ظالمًا له؛ كيف يُعذّبه على شيء ليس له فيه اختيار، إذا كفر بالله، وإذا زنى، وإذا سرق؟! ليس هذا فعله عندهم بل هو مُجبرٌ عليه، فكيف يُعذبه اللهُ عليه؟ هذا ظلم. تعالى الله عن ذلك، فيكون الله ظالمًا له؛ لأنَّه عذَّبه على شيء ليس له فيه اختيار ولا مشيئة.
الصفحة 1 / 445