فصْلٌ: في التَّفريقِ بينَ الخَلْقِ والأمْر
****
ولقد أَتَى الفُرقانُ بينَ الخَلقِ والـ **** أمْرُ الصَّريحُ
وذاك في الفُرقانِ
وكلاهُما عندَ المُنازع واحدٌ **** والكلُّ خلْقٌ ما
هُنا شيئانِ
والعطْفُ عندَهم كعطْفِ الفَرْدِ من **** نوْعٍ عليه وذاكَ
في القُرآنِ
****
هذا ممّا يُردُّ
به على القائلينَ بأنَّ القُرآنَ مَخلوقٌ: بأنَّ اللهَ فرَّقَ بينَ الخَلْقِ
والأمرِ في قولِه تعالى: ﴿أَلَا لَهُ ٱلۡخَلۡقُ وَٱلۡأَمۡرُۗ﴾ [الأعراف: 54] فعَطَفَ الأمْرَ على الخَلْقِ، والعَطْفُ
يَقْتضي المُغايَرَةَ، فدَلَّ على أنَّ الأمرَ غيرُ الخَلْقِ وأنتُم تقولونَ: هما
سَواء، كِلاهما مَخلوقٌ، فكَوْنُ اللهِ عَطَفَ الأمْرَ على الخَلْقِ وغايَرَ
بينَهما، دليلٌ على أنَّ الأمْرَ الَّذي هو كلامُ اللهِ غيرُ الخَلقِ؛ لأنَّ
الأمْرَ مِن كلامِ اللهِ، ولأنَّ كلامَ اللهِ يَشْتَمِلُ على أمْرٍ ونَهْيٍ،
وخبَرٍ وقصَصٍ.
هم يقولون: كِلاهما شَيءٌ واحِدٌ، ومعنى هذا: أنَّه لا
فائِدَةَ منَ العَطْفِ.
يقولون: إنَّه قد يُعطَفُ الشَّيءُ على نَفْسِه مثْلَ: ﴿ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ﴾ [البقرة: 25] فالأعمالُ داخلَةٌ، في حقيقَةِ الإيمانِ وإنَّما عَطَفَها لأهميَّةِ الأعْمالِ، فعَطْفُ الأمْرِ على الخَلْقِ هو من بابِ عطْفِ الخاصّ على العامِّ، ونقول لهم: الأصْلُ المُغايرَةُ، وأنَّ المَعطوفَ غيرُ المَعطوفِ عليه، هذا هو الأصْلُ إلا أن تأْتوا بدَليلٍ يدُلُّ على الخُصوصِ والعُمومِ وليسَ معكُم دَليلٌ.
الصفحة 1 / 445