فيقالُ هذا ذو امتِناعٍ ظاهرٍ **** في آيَةِ
التَّفريقِ ذو تِبيانِ
فاللهُ بعدَ الخَلقِ أخْبَرَ أنَّها **** قد سُخِّرَتْ
بالأمْرِ للجَرَيانِ
وأبَانَ عنْ تسْخِيرِها سُبحانه **** بالأمْرِ بعْدَ
الخَلْقِ بالتِّبيانِ
****
قال تعالى: ﴿إِنَّ
رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ
ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يُغۡشِي ٱلَّيۡلَ ٱلنَّهَارَ يَطۡلُبُهُۥ
حَثِيثٗا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَٰتِۢ بِأَمۡرِهِۦٓۗ أَلَا
لَهُ ٱلۡخَلۡقُ وَٱلۡأَمۡرُۗ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الأعراف: 54] ففَرَّقَ بينَ الخَلقِ وبينَ التَّسخيرِ
بالأمْرِ، فلمْ يقلْ: «مسخراتٍ بخلقِه» بل قالَ: «بأمرِه» فدلَّ على أنَّ الأمْرَ
غيرُ الخلقِ فيكونُ العَطْفُ هنا للمغايرَةِ، فأوَّلُ الآيَةِ يُبْطِلُ قولَكُم إنَّ
العَطْفَ فيها للخُصوصِ والعُمومِ، بل هو للمُغايرَةِ لأنَّ اللهَ غايَرَ بينَهما
في أول الآية، فكذلكَ في آخِرِها.
حيث قال: ﴿خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ﴾ [الأعراف: 54] ثم قال: ﴿وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَٰتِۢ بِأَمۡرِهِۦٓۗ﴾ [الأعراف: 54] وهذا واضِحٌ في أنَّ الأمرَ غيرُ الخلقِ، فيُحْمَلُ آخِرُ الآيَةِ على أوَّلِها، ويكونُ العَطْفُ للمغايَرَةِ، وليسَ هو للعُمومِ والخُصوصِ كما تقولُ الجَهميَّةُ، فالعَطْفُ للمغايَرَةِ وهذا هو الأصْلُ.