×
التعليق المختصر على العقيدة النونية الجزء الأول

فَصْلٌ: وهذا أوَّلُ عَقْدِ مجلسِ التَّحكِيم

****

فاجْلِسْ إذًا في مَجْلِسِ الحَكَمَيْنِ للرَّ **** حْمَن ِلا للنَّفسِ والشّيطَانِ

****

 لأن هذه القصيدة المقصود منها الحُكم بين الطوائف، وبيان مَن هو على الحقِّ منها ومن هو على الباطل، والتحكيم إنما يكون إلى كتاب الله وإلى سُنة رسوله، وهو يريد أن يعرض أقوال الطوائف على الكتاب والسُّنَّةِ؛ ليتبين المُحِقّ من المُبْطِل.

المراد بالحكَمَيْن: الكتاب والسُّنَّة؛ لأن الله جعل الكتاب والسُّنَّة حَكَمينِ في المنازعات، قال تعالى: ﴿مِنْكُمْ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ [النساء: 59] إلى الله: إلى كتاب الله، والرسول: إليه في حياته وإلى سُنَّته بعد وفاته، وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي» ([1])، فكأنه موجودٌ بيننا صلى الله عليه وسلم بما تركه لنا من كتاب الله وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكتاب الله لا يُغيَّر ولا يُبدَّل؛ لأنه محفوظ، كذلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم محفوظة لا تُبدَّل ولا تُغيَّر، فمن أراد معرفة الحقّ من الباطل فليرجع إليهما بصدق وإخلاص، وتجرُّد، من الهوى وطلب الحقِّ، وبذلك يعرف الحق من الباطل، ويكون القصد الرحمن لا الانتصار للنفس والتعصب للرأي أو للمذهب أو لقول فلان وعلاّن، بل يكون القصد طلب الحق، فإذا تبيّن الحق فإنك تأخذ به، ولو كان خلاف ما تقوله أنت، أو خلاف ما تهواه نفسك ورغبتك،


الشرح

([1])  أخرجه: الدارقطني في سننه رقم (4606)، والحاكم رقم (319)، والبزار في مسنده رقم (8993).