فصلٌ: في ذِكْرِ مذهَبِ أهلِ الحديثِ
****
والآخرونَ أُوْلُوا الحديثِ كأحمدٍ **** ومحمَّدٍ
وأئمَّةِ الإيمانِ
قالوا بأنَّ اللهَ حقًّا لم يزَلْ **** متكلِّمًا
بمشيئةٍ وبيانِ
إن الكلامَ هو الكمالُ فكيف يَخْـ **** ـلُو عنهُ في
أزلٍ بلا إمكانِ
****
هذا هو القَوْلُ
السَّادِسُ منَ الأقْوالِ الَّتي ذَكَرها أو السَّابعُ إذا اعتبرْنا أنَّ القَوْلَ
بأنَّه أنشَأَهُ في الَّلوحِ المَحفوظِ قَولاً مُستَقِلاًّ، فتصيرُ الأقْوالُ
الَّتي ذكرَها سَبْعَةً.
لما ذكرَ النَّاظمُ رحمه الله مذاهبَ الفِرَقِ الضَّالةِ في كلامِ اللهِ من جهميَّةٍ وأشاعِرَةٍ وغيرِهم، شَرَعَ يُبيِّنُ مذهَبَ أهلِ السُّنَّةِ والجماعَةِ، وهمْ أهْلُ الحديثِ، سُمُّوا بأهْلِ الحديثِ؛ لأنَّهم يَتَمَسَّكونَ بالحديثِ، وسُمُّوا بأهْلِ السُّنَّةِ؛ لأنَّهم يعمَلونَ ويَتَمسَّكون بسُنَّةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، والسّنّةُ والحديثُ بمعنًى واحدٍ، إلا أنَّ السُّنَّةَ قد تكونُ أعمَّ لأنَّها تَعْني الطَّريقَةَ المُحمَّديَّةَ، وسُمُّوا بالجماعةِ؛ لأنَّهُم لم يَفْتَرِقوا كما افْتَرَقَتِ الفِرَقُ الأخرى وإنَّما هم جماعةٌ واحدةٌ، منهجُهم واحدٌ، ومذهبُهم واحِدٌ، لم يَختَلِفوا وللهِ الحمْدُ، فلذلكَ سُمُّوا أهْلَ السُّنَّةِ والجماعةِ، وسُمُّوا أهْلَ الحديثِ، ومنْهم الإمامُ أحمدُ بنُ حنبل ومحمَّدُ بنُ إسماعيلَ البُخارِيُّ وأئِمَّةُ الإيمانِ ممَّنْ سارَ على مَنْهَجِهم واقْتَفَى أَثَرَهم.
الصفحة 1 / 445