ويصيرُ فيما لم يزلْ متكلِّمًا **** ماذا اقتضاهُ له
من الإمكانِ
وتعاقُبُ الكلماتِ أمرٌ ثابتٌ **** للذاتِ مثلَ
تعاقبِ الأزمانِ
واللهُ ربُّ العرشِ قال حقيقةً **** حَم مع طَهَ
بغيرِ قِرانِ
****
فقالوا: إنّ اللهَ يَتَكَلَّمُ
بمشيئَةٍ وليسَ لكلامِهِ بِدايَةٌ ولا نِهايَةٌ، بل هو يَتكلَّمُ متى شاءَ إذا
شاءَ سبحانه وتعالى فالكلامُ من الكَمَالِ واللهُ تَعالى مَوْصوفٌ بالكَمالِ.
وهذا البَيْتُ ردُّ على الكرَّاميَّةِ الذينَ وافَقُوا
أهْلَ الحديثِ في أنَّ اللهَ يتكلَّمُ بمشيئَةٍ، ولكنَّهم خَالَفُوهم في القَوْلِ
بالبِدايَةِ حيثُ جعلوا كلامَ اللهِ لهُ بدايَةٌ.
يقولُ: إذا كانَ الكلامُ
ممْتَنِعًا عنِ اللهِ في وقْتٍ كما تزْعمونَ فما الَّذي جَعَلَه مُمْكنًا بعدَ أنْ
كانَ ممْتنعًا ومُسْتحيلاً. فالْمُسْتحيلُ يسْتَمِرُّ مستحيلاً وغيرَ ممْكنٍ، وإذا
كانَ ممْكنًا وغيرَ مسْتحيلٍ فما الَّذي يُحَدِّدهُ في زمانٍ دونَ زمانٍ، هذا
تحكُّمٌ منكُم.
هذا ردٌّ على الاقْتِرانيَّةِ الذينَ يقولون:
إنَّ الحُروفَ مُقْترنَةٌ لم يَسبقْ بعضُها بعضًا، فيُقال: إذا كانَ الزَّمانُ
يَتَعاقبُ فلَهُ ماضٍ وحاضرٌ ومستقْبلٌ، فكذلك الكلامُ يكونُ حاضِرًا وماضِيًا
ومستقْبَلاً.
الحاءُ في «حم» سابقةٌ للميمِ، والطَّاءُ سابقةٌ للهاءِ في طه منْ غيرِ اقْترانٍ.