فصلٌ: في مذهَبِ الكَرّاميَّةِ
****
والقائلون بأنَّه بمشيئةٍ **** في ذاتِه أيضًا
فَهُمُ نوعانِ
إحداهُما جعلَتْه مَبدوءًا به **** نوْعًا حِذارِ
تَسلسُلِ الأعيانِ
فَيَسُدُّ ذاك عليهِمُ في زعمِهِمْ **** إثباتُ خالقِ هذه
الأكوانِ
فلذاك قالوا إنّه ذو أوَّلٍ **** ما للفِناءِ عليه
من سُلطانِ
****
هذا مذْهَبُ
الكرَّاميَّةِ في كلامِ اللهِ كسائرِ أفعالِه لهَا بِدايةٌ عندَهم، وليسَتْ
أزَلِيَّةً، والكَرَّاميَّةُ همْ أتْباعُ ابنِ كَرَّامٍ، وهذا قوْلٌ على اللهِ بلا
عِلْمٍ، وتعطيلٌ للهِ من صِفاتِه في الأزَلِ، تعالى اللهُ عمَّا يقُولونَ.
وأهْلُ السُّنَّةِ يقولونَ: كلامُ
اللهِ كسائِرِ أفعالِه، قديمُ النَّوْعِ حادِثُ الآحادِ، قال تَعَالى: ﴿مَا يَأۡتِيهِم
مِّن ذِكۡرٖ مِّن رَّبِّهِم مُّحۡدَثٍ إِلَّا ٱسۡتَمَعُوهُ وَهُمۡ يَلۡعَبُونَ﴾ [الأنبيَاء: 2].
يعني هذا هو السَّبَبُ في أنَّهم يقولونَ: كلامُ اللهِ
كلُّه جنسُه ونوعُه محْدَثٌ لأجْلِ أن يَسُدُّوا القَوْلَ بتسلسُلِ الحَوادثِ في
الماضِي.
أي وبعْدَ حُدوثِ الكَلامِ لا يَنقَطِعُ أبدًا، فهو له بِدايةٌ لكن ليسَ لهُ نِهايَةٌ.
الصفحة 1 / 445