فَصْلٌ: في قدوم ركب آخر
****
وأتى فريقٌ ثم قال وجدتُه **** بالذاتِ موجودًا
بكُلِّ مكانِ
هو كالهواءِ بعينِه لا عينه **** ملأَ الخلاءَ ولا
يُرَى بعَيانِ
والقومُ ما صَانُوه عن بئرٍ ولا **** قبرٍ ولا وحشٍ
ولا أعطانِ
****
لما ذكَرَ
الإمامُ ابنُ القيِّم رحمه الله مذهبَ الاتحاديةِ «جماعة ابن عربي» الذين يقولون:
إنّ اللهَ هو هذا الكونُ كلُّه ذكَرَ مذهبَ الحُلُولية الذين يقولون: إنَّ اللهَ
ليس هو الكونُ ولكنه حالٌّ في مخلوقاتِه لذلك سُمُّوا بالحُلُولية، ولما سُئلوا:
كيفَ يكونُ حالًّا في مخلوقاتِه، وهل يُتصوَّر هذا؟ قالوا: إنه يكونُ كالهواءِ لا
يُرى، وهو موجود، أو كالروحِ في البدن، يتحركُ ويحيَا بها وهي لا تُرى فيمكن هذا،
كما تحُلُّ الروحُ في البدنِ وهي لا تُرى ويحُلُّ الهواءُ في هذا الكونِ وهو لا
يُرى كذلك اللهُ في زعمِهم - تعالى اللهُ عمَّا يقولون - إنّ اللهَ في هذا الكونِ
حالٌّ فيه - وهم على قسمين:
القسم الأول: حلولية جزئية يقولون: إن الله ليس حالًّا في كل الأشياء ولكنه يحل في بعض الأشياء مثل حلوله في المسيح عند النصارى، ومثل الحلاّج الذي يزعم أنّ الله حالٌّ فيه، ويزعمون أن كل من وصل إلى مرتبة في التصوف «عينوها ووضعوا لها شروطًا»، من وصل إلى هذه المرتبة فإنه يكون محلًّا للربّ «يحلُّ فيه» حلولية جزئية.
الصفحة 1 / 445