فصلٌ: في إلْزامِهمُ التَّشْبيهَ للرَّبِّ
بالْجمادِ
النَّاقصِ إذا انتَفَتْ صفةُ الْكلامِ
****
وإذا انتَفَتْ صِفَةُ الكلامِ فضِدُّها **** خَرَسٌ وذلك
غايةُ النُّقصانِ
فلئِنْ زَعَمتم أنَّ ذلك في الَّذي **** هو قابِلٌ منْ
أمَّةِ الحيوانِ
والرَّبُّ ليس بقابلٍ صفةَ الكلا **** مِ فنَفْيُها ما
فيه منْ نُقصانِ
فيُقالُ سَلْبُ كلامِه وقبولُه **** صفةَ الكلامِ
أتمُّ للنُّقصانِ
****
الَّذي لا
يَتَكَّلُم أخْرسٌ، والخَرَسُ صفةُ نقْصٍ، والرَّبُّ جل وعلا منزَّهٌ عنْ صفاتِ
النَّقْصِ.
يُمكِنُ أنْ يُجيبوا فيقولوا: إنَّ عدَمَ الكلامِ إنَّما
يكونُ نقْصًا في الَّذي يَقْبَلُ الكلاَم، فالَّذي يَقبلُ الكلامَ إذا لمْ
يَقْدِرْ على الكلامِ فهذهِ صفةُ نقْصٍ فيه؛ لأنَّه قابِلٌ للكلامِ وسلبُه منْه
صفةُ نقْصٍ، أمَّا الرَّبُّ جل وعلا فغيرُ قابلٍ للكلامِ، فلا يَلزمُ منْ نَفْيِهِ
عنْه النَّقْصُ، فنقولُ لهم: أنتُم وَقَعْتُم في خطأٍ أعْظَمُ منَ الأوَّلِ، حيثُ
شبَّهْتُموه بالْجَماداتِ، ولا شكَّ أنَّ التَّشْبِيهَ بالجماداتِ أقبَحُ منَ
التَّشبيهِ بالحيوانِ.
يعني إذا كانَ لا يَقْبلُ الكلامَ فهذا أشدُّ نقْصًا منَ التَّشْبِيهِ بالَّذي يَقبلُ الكلامَ.
الصفحة 1 / 445