فصل
****
هَذَا وَرَابِعُ عَشْرِهَا إِقْرَارُ سَا **** ئِلَةٍ بِلَفْظِ
الأَْيْنَ لِلرَّحْمَنِ
وَلَقَدْ رَوَاهُ أَبُو رَزِينٍ بَعْدَمَا **** سَأَلَ
الرَّسُولَ بِلَفْظَة بِوِزَانِ
وَرَوَاهُ تَبْلِيغًا لَهُ وَمُقَرِّرًا**** لِمَا أَقَرَّ
بِهِ بِلاَ نُكْرَانِ
****
الدَّليلُ
الرَّابعُ عشر: على أَنَّ اللهَ في جهة العُلُوِّ، أَنَّ الرَّسُولَ صلى الله
عليه وسلم قَالَ لِلْجَارِيَةِ: «أَيْنَ
اللهُ؟» أَيْ في أَيِّ جهةٍ «هو» سبحانه وتعالى قَالَتِ الْجَارِيَةُ: «فِي السَّمَاءِ» أَيْ: في جِهة
العُلُوِّ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِمَالِكِهَا: «أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» ([1])
لمَّا أَثْبَتَتْ أَنَّ اللهَ في العُلُوِّ وَصَفَها بأَنَّها مُؤْمنةٌ فدلَّ على
أَنَّ الذي ينفي عُلُوَّ الله على خلْقه ليس بمُؤْمِنٍ.
وأَبُو رَزِينٍ العُقيليِّ أَيْضًا سَأَلَ النَّبِيَّ
صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ
السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضَ، أَوْ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ؟ قَالَ: «كَانَ فِي عَمَاءٍ مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ وَمَا
تَحْتَهُ هَوَاءٌ» ([2])،
والعَمَاءُ معناه: الجِهة غيرُ المخلوقةِ لأَنَّه سُبْحَانَهُ فوق الخلْق.
ولَمْ يُنكِرِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم على أَبِي رَزِينٍ العُقيليِّ: أَنَّه قال: «أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا؟» بل أَخْبَره وأَجَابَه ولَمْ يُنكِرْ عليه فدلَّ، على أَنَّه يجوز أَنْ يُقالَ: «أَيْنَ اللهُ؟» وهذا يلزم منه إِثْباتُ الجِهة للهِ.
الصفحة 1 / 445