×
المنتقى من فتاوى الجزء الثاني

 وأَيْضًا نَضْطرُّ إِلى أَنْ نحتفظَ بعِظامِ الموتى في بيوتِنا، فهل تَشْريحُ هذه الجُثَثِ أَوْ لَمْسُ هذه العِظامِ يُوجب إِعَادةَ الوضوءِ، وما حُكْمُ تَشْريحِ جُثَثِ المُسْلمين لغَرَضِ التَّعلُّم الطِّبِّيِّ؟

* الإِجَابةُ: الله سبحانه وتعالى شَرَعَ لبَنِي آدَمَ الدَّفْنَ بأَنْ تُدْفَنَ جَنَائِزُهُمْ بعد موتهم قال اللهُ تعالى: ﴿ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقۡبَرَهُۥ [عبس: 21] وقال تعالى: ﴿أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا ٢٥ أَحۡيَآءٗ وَأَمۡوَٰتٗا [المرسلات: 25- 26] أَيْ تعيشون على ظَهْرِها وتُدْفَنُونَ بعد موتِكم في بَطْنِها قال تعالى: ﴿۞مِنۡهَا خَلَقۡنَٰكُمۡ وَفِيهَا نُعِيدُكُمۡ وَمِنۡهَا نُخۡرِجُكُمۡ تَارَةً أُخۡرَىٰ [طه: 55] فالذي يُشْرَعُ نحوَ الميِّت أَنْ يُدْفَنَ في قَبْرِه ولا يتصرَّف في جُثَتِه وأَعْضائِه.

* وأَمَّا بالنِّسْبةِ لتَشْريح الجُثَّة لقَصْد التَّعْليم كما وَرَدَ في السُّؤَال، وكما يُقال أَنَّه أَصْبح الآن ضرورةً لتَعلُّمِ الطِّبِّ ونَفْعِ الأَحْياءِ بذلك؛ فهذا إِنْ أَمْكنَ الاسْتِغْناءُ عنه، فإِنَّه لا يجوز بحالٍ من الأحوال، وإِذَا لم يُمْكنْ وتوقَّف الأَمْرُ عليه، فإِنَّ جُثَّةَ المسلمِ لا يجوز أَنْ تُشرَّحَ أبدًا لأَجْلِ الطِّبِّ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «حُرْمَةُ الْمُسْلِمِ مَيْتًا كَحُرْمَتِهِ حَيًّا» ([1]) فالمسلم لا يجوز أَنْ يُتلاعبَ بجُثَّتِه ولا أَنْ تُشرَّحَ بل يجب دَفْنُه واحْتِرامُه كما يُحْترَمُ حيًا.

* أَمَّا بالنِّسْبة لجُثَّةِ الكافر، فقد رخَّص بعضُ العلماءِ المعاصرين بتَشْريحِ جُثَّتِه لأَجْل الطِّبِّ والله أَعْلم.

* أَمَّا لَمْسُ الجُثَّة ولَمْسُ الميِّت غيرُ فَرْجِه، فهذا لا يُنقض الوضوءَ، أَمَّا الذي ذكَره بعضُ أَهْلِ العلم أَنَّه يُنقض الوضوءَ تغسيلُ الميِّت، فَفيه نَظَرٌ، أَمَّا لَمْسُ جُثَّتِه من غيرِ التَّغْسيل، فهذا لا يُنْقض الوضوءَ.


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (3207)، وابن ماجه رقم (1616)، وأحمد رقم (24308) بلفظ: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا».