يُهْدِيَ ثوابَ ما يقرأُ من القُرْآنِ،
إِلى أَكْثرَ مِن ميِّتٍ واحدٍ؟ وهل يُفيد ذلك الميِّتَ؟
*
أَمَّا قضيَّةُ مسِّ المصحف: فإِنَّه لا يجوز للإِنْسان أَنْ يمسَّ المصحفَ إلاَّ
على طهارةٍ من الحَدَثَيْنِ الأَصْغرِ والأَكْبرِ؛ لقوله تعالى: ﴿لَّا يَمَسُّهُۥٓ إِلَّا
ٱلۡمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: 79]؛ إِذا فُسِّر الكتابُ المكنونُ بالمُصْحفِ،
ولقوله عليه الصلاة والسلام - كما في حديث عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ -: «لا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ
إلاَّ طَاهِرٌ» ([1])
فيُشترط لمسُ المصحفِ الشَّريفِ أَنْ يكونَ الإِنْسان على طهارةٍ من الحدثِ
الأَصْغرِ والأَكْبرِ، ولا يجوز له أَنْ يمسَّه وهو على غير طهارةٍ؛ إلاَّ من وراءِ
حائِلٍ؛ كأَنْ يَحْمِلَه في كِيْسِه، أَوْ في غِلافِه، أَمَّا أَنْ يمسَّه مباشرةً؛
فهذا لا يجوز.
* وأَمَّا القضيَّةُ الثَّانيةُ: وهو إِهْداءُ ثوابِ القِراءَة إِلى الأَمْوات؛ فهذا لم يَرِدْ به دليلٌ - فيما أَعْلم - عن الرَّسول صلى الله عليه وسلم، لم يَرِدْ أَنَّه يقرأُ القُرْآنَ ويُهْدي ثوابَه إِلى الأَمْوات، وإِنْ أَجاز هذا بعضُ أَهْلِ العلم، ولكنَّ الصَّحيحَ أَنَّ ذلك ليس بمشروعٍ؛ لعدم الدَّليل على ذلك، وإِنَّما الذي وَرَدَ هو الدُّعاءُ للأَمْوات، والتّصدُّقُ عنهم، والحَجُّ أو العُمْرةُ عن الميِّت، هذا الذي وردت به الأَدلَّةُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعليك بَدَلَ أَنْ تُهْديَ ثوابَ القِراءَةِ أَنْ تعملَ شيئًا من هذه الأَعْمالِ: إِمَّا الدُّعاءُ والاستغفارُ للميِّت، أَوِ الصَّدقةُ عنه، أَوِ الحَجُّ والعُمْرةُ عنه؛ إِذَا أَمْكَنَ.
([1])أخرجه: الدارمي رقم (2312)، والدارقطني رقم (439).