×
المنتقى من فتاوى الجزء الثاني

 أَبَا بَكْرََ رضي الله عنه جاءَ والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في الرُّكوع فدخل معه في الرُّكوع، ولم يأمره النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بقضاءِ تلك الرَّكعةِ بل قال: «زَادَكَ اللهُ حِرْصًا وَلاَ تَعُدْ» ([1]) لأَنَّه كان لمَّا أَقْبَلَ إِلى الصَّفِّ أَسْرَعَ وكبَّر قبلَ أَنْ يَصِلَ إِلى الصَفِّ ثمَّ دخل في الصَّفِّ، فالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم نَهَاهُ عن السُّرْعة.

فإِذا جاءَ والإِمامُ راكعٌ فليأْتِ بطُمَأْنِيْنَةٍ وهُدُوءٍ كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ، فَامْشُوا إِلَى الصَّلاَةِ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالوَقَارِ، وَلاَ تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» ([2])، وفي روايةٍ: «وَاقْضِ مَا سَبَقَكَ» ([3])، فالذي أَنْكَرَهُ عليه إِنَّما هو السُّرْعةُ فقط ولم يَأْمُرْه بإِعَادة الرَّكعة التي أَدْرَكَها معه، فدلَّ على أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الإِمامَ في الرُّكوع وركع معه، فإِنَّه يكون مدركًا للرَّكعة، وهذا الذي سَمِعْتَه من بعضِ النَاس قولٌ مرجوحٌ لبعض العلماءِ والصَّحيحُ ما ذكرناه والله أَعْلم.

وَأَيْضًا قولُه: «لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ» ([4]) فهذا للإِمامِ والمنفردِ، أَمَّا المَأْمومُ فَيُنْصِتُ لقراءَةِ إِمامِه إِذا جهر؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ [الأعراف: 204] فالمَأْمومُ يقرأُ الفاتحةَ في سكتاتِ إِمامِه، أَمَّا إِذا جهر الإِمامُ فإِنَّه يجب على المَأْمومين الإِنْصاتُ والاستماعُ للقُرْآنِ؛ لأَنَّ قراءَةَ الإِمامِ قراءَةٌ للجميع.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (783).

([2])أخرجه: البخاري رقم (636)، ومسلم رقم (602).

([3])أخرجه: مسلم رقم (602).

([4])أخرجه: البخاري رقم (756)، ومسلم رقم (394).