×
المنتقى من فتاوى الجزء الثاني

تلك الأَيَّامِ السِّتَّةِ لم أَكُنْ أُصلِّي؛ نظرًا لبُرودةِ الجوِّ، وبالتَّالي برودة الماءِ الشَّديدةِ، وعدمِ توافرِ الصَّعيدِ الطَّاهرِ للتَّيمُّمِ منه، وبقيتُ حتَّى رجعتُ إِلى البلد، ثمَّ قمتُ بقضاءِ جميعِ ما فَاتَنِي مِن صلواتٍ خِلالَ تلك الأَيَّام؛ فهل عليَّ إِثْمٌ في فِعْلي هذا؟ وماذا كان يجب عليَّ أَنْ أَفْعلَ؟ أَفيدوني وفَّقكم الله.

* أَخْطَأْتَ في تَرْكِكَ للصَّلوات في هذه الفترةِ التي ذكرتَها؛ لأَنَّ المسلمَ لا يجوز له أَنْ يتركَ الصَّلاةَ، ولكنْ يُصلِّي على حسبِ حالِه: فإِذا قدرتَ أَنْ تتوضَّأَ بالماءِ؛ وجب عليك ذلك، وإِذا كنتَ لا تقدر على الوضوءِ بالماءِ لمَا ذكرتَ مِن شدَّةِ البُرودةِ غيرِ المُحْتملةٍ، وليس عندك ما تُسخِّنُ به الماءَ؛ فإِنَّه يجب عليك أَنْ تتيمَّمَ بالتُّراب وتُصلِّي، وإِذا لم يكنْ عندك ترابٌ؛ فإِنَّك تُصلِّي على حسب حالِكَ، ولو بدون ماءٍ وبدونِ ترابٍ؛ لقوله تعالى: ﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ [التغابن: 16]، ولقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ[البقرة: 286].

* فالمسلمُ إِذا دخل عليه وقتُ الصَّلاة؛ فإِنَّه يُصلِّي على حسب حاله: إِذا كان يستطيع الوضوءَ؛ توضأَ، وإِن كان لا يستطيع الوضوءَ؛ عَدَلَ إِلى التَّيمُّمِ بالتُّراب، إِذا لم يكن عنده ماءٌ ولا ترابٌ وخَشِيَ خروجَ الوقت؛ صلَّى على حاله بدون ماءِ وبدون ترابٍ.

* كما أَنَّ الصَّعيدَ لا يختصُّ بالتُّراب، فلو كان عندك جِدارٌ عليه غُبارٌ طاهرٌ، أَوْ حصيرٌ عليه غُبارٌ طاهرٌ، أَوْ بلاطٌ وعليه غُبارٌ طاهرٌ، وضربتَ عليه وتَيَمَّمْتَ؛ كَفَاكَ هذا، ولا يتعيَّن التُّرابُ للتَّيمُّمِ، وإِنَّما المطلوبُ وجودُ الغُبارِ الطَّاهرِ؛ سواءٌ كان على ترابٍ، أَوْ على حجرٍ، أَوْ على جِدارٍ، أَوْ على حصيرٍ، أَوْ غيرِ ذلك، والله أَعْلم.


الشرح