×
المنتقى من فتاوى الجزء الثاني

 غيرِ عُذْرٍ فهذا لا يجوز ولا تصحُّ صلاتَه إِذا فعل ذلك. أَمَّا الحديثُ فلفظُه وَرَدَ برِوايتينِ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّهُ جَمَعَ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ سَفَرٍ» ([1]). وفي روايةٍ «مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ، وَلاَ مَطَرٍ» ([2]). وأَمَّا اللَّفْظُ الذي ذكَر السَّائِلُ فهذا غيرُ واردٍ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّه جمعَ مِن غيرِ خَوْفٍ ولا مَرَضٍ لم يَرِدْ ذِكْرُ المرضِ في الحديث وإِنَّما وَرَدَ: «مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ سَفَرٍ». وفي رِوايةٍ «مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ، وَلاَ مَطَرٍ».

* وللعلماءِ عن هذا الحديثِ عِدَّةُ أَجْوِبَةٍ:

منهم من تُوقَفُ في معناه وقال إِنَّه لا يظهر له معناه.

ومن العلماءِ من حملَه على الجمعِ الصُّوريِّ وهذا الذي أَيَّدهُ الشَّوكانيُّ في نيل الأَوْطار: «والجمعُ الصُّوريُّ معناه أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلاةَ الأَوْلى إِلى آخِرِ وَقْتِها ويُقدِّم الصَّلاةَ الثَّانيةَ في أَوَّلِ وقتِها ثمَّ يُصلِّيهما جميعًا هذه في آخِرِ وقتِها وهذه في أَوَّل وقتِها هذا جمعٌ صُورِي».

وهذا معنًى صحيحٌ وأَيَّدهُ الشَّوكانيُّ وأَيَّدهُ غيرُه في معنى الحديثِ أَنَّ المرادَ به: الجمعُ الصُّورِيُّ.

ومن العلماءِ من حمل الحديثَ وهو قوله: «مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ سَفَرٍ». أو: «مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ، وَلاَ مَطَرٍ». بأَنَّ معنى ذلك أَنَّه جمع للمرض؛ لأَنَّ الأَعْذارَ التي تُبيحُ الجمعَ أَرْبعةٌ:

إِمَّا الخوفُ وإِمَّا المرضُ وإِمَّا السَّفرُ وإِمَّا المطرُ.

فإِذا كان ذَكَرَ أَنَّه «مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ سَفَرٍ». أَوْ «مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ، وَلاَ مَطَرٍ». فلم يَبْقَ إِذَنْ إلاَّ المرضُ فيكون صلى الله عليه وسلم جمعٌ مِن أَجْل المرض


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (705).

([2])أخرجه: مسلم رقم (705).