×
المنتقى من فتاوى الجزء الثاني

* الله سبحانه وتعالى نَهى عن مباشرة النِّساءِ في حالِ الاعتكاف في المسجد، بعدما أَبَاحَ مباشرةَ النِّساءِ في ليلة الصِّيام فإِنَّه اسْتَثْنَى المُعْتَكِفِيْنَ في المساجد، فلا يجوز لهم مباشرةُ النِّساءِ بالوَطْءِ أَوِ المباشرةِ وهم مُعْتَكِفُون لا في ليلٍ ولا في نهارٍ ولو لم يكونوا صائِمين؛ لأَنَّ الاعتكافَ معناه تَرْكُ أُمورٍ كثيرةٍ ومنها مباشرةُ النِّساءِ والتَّفرُّغُ لعبادة الله تعالى.

* وإِذا جامع المُعْتَكِفُ زوجتَه فإِنَّه يبطل اعتكافُه، فالجِماع مُبْطلٌ للاعتكاف، وكذلك إِذا خرج الإِنْسانُ مِن الاعتكاف لغير حاجةٍ، إِلى السُّوق أَوْ إِلى أَيِّ مكانٍ من غير حاجةٍ فهذا يُؤَثِّرُ على اعتكافه أَوْ يُبطله لأَنَّ الاعتكافَ معناه لُزُومُ المسجدِ والمُكْثُ فيه بحيث لا يخرج إلاَّ لحاجة الإِنْسان الضَّروريَّةِ وبقَدْرِها.

وفي هذه الآيةُ أَنَّ الاعتكافَ لا يكون إلاَّ في المسجد، فلا يعتكف الإِنْسانُ في بيتِه أَوْ في أَيِّ مُصلًّى ينفرد فيه أَوْ في مسجدٍ مهجورٍ لا يُصلَّى فيه كالمسجد الذي ارتحل أَهْلُه ولا يُوجد له جيرانٌ يُصلُّون فيه، هذا لا يُعْتَكَفُ فيه وإِنْ كان في الأَصْل مسجدًا؛ لأَنَّه يُشترط في الاعتكاف أَنْ يكون في مسجدٍ تُقام فيه الجماعةُ لأَجْل أَنْ يُجْمَعَ بين الاعتكافِ والصَّلاةِ مع الجماعة.

* أَمَّا إِذا كان المسجدُ لا تُقام فيه الجماعةُ، لأَنَّه مسجدٌ متروكٌ وقد ارتحل أَهْلُه، فهذا لا يصحُّ الاعتكافُ فيه؛ لأَنَّ المعتكفَ في هذه الحالةِ بين أَمْرينِ إِمَّا أَنْ يبقى على اعتكافه ويترك صلاةَ الجماعة، وصلاةُ الجماعةِ واجبةٌ، وإِمَّا أَنْ يخرجَ لصلاة الجماعة ويكرِّر ذلك وهذا يتنافى مع الاعتكاف.


الشرح