×
المنتقى من فتاوى الجزء الثاني

 الصِّيام، قال الله تعالى: ﴿وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُۥ فِدۡيَةٞ طَعَامُ مِسۡكِينٖۖ [البقرة: 184]، وكذلك الإِطْعامُ في الكفَّارات: كفَّارةِ الظِّهار وكفَّارةِ الجِماع في نهار رَمَضَانَ وكفَّارةِ اليمينِ، وكذلك إِخْراجُ الطَّعام في صَدَقَةِ الفِطْر؛ كلُّ هذه العباداتِ لابدَّ من إِخْراجِ الطَّعام فيها، ولا يُجْزِئُ عنه إِخْراجُ القِيْمة من النُّقود؛ لأَنَّه تَغْيِيْرٌ للعبادة عن نَوْعِها الذي وجبتْ فيه؛ لأَنَّ اللهَ نصَّ فيها على الإِطْعام؛ فلا بدَّ من التقيُّد به، ومن لم يتقيَّد به؛ فقد غيَّر العبادةَ عن نَوْعِها الذي أَوْجَبَه اللهُ.

وكذلك الهَدْيُ والأَضَاحي والعقيقةُ عن المولود؛ لابدَّ في هذه العباداتِ أَنْ يَذْبَحَ فيها مِن بَهيمةِ الأَنْعامِ النَّوعَ الذي يُجْزِئُ منها، ولا يُجْزِئُ عنها إِخْراجُ القِيْمةِ أَوِ التَّصدُّقُ بثمنِها:

لأَنَّ الذِّبْحَ عبادةٌ: قال تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ [الكوثر: 2]، وقال الله تعالى: ﴿قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ [الأنعام: 162].

والأَكْلُ مِن هذه الذَّبائِحِ والتَّصدُّقُ مِن لحومِها عبادة: قال الله تعالى: ﴿فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡبَآئِسَ ٱلۡفَقِيرَ [الحج: 28].

فلا يجوز ولا يُجزئُ إِخراجُ القيمةِ أَوِ التَّصدُّقُ بالدَّراهمَ بدلاً من الذِّبْح؛ لأَنَّ هذا تَغْيِيْرٌ للعبادة عن نَوْعِها الذي شرعه اللهُ فيه، ولابدَّ أَيْضًا أَنْ تُذْبَحَ هذه الذَّبائِحَ في المكان الذي شرع اللهُ ذِبْحَها فيه:

فالهَدْيُ يُذْبَحُ في الحَرَم: قال تعالى: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَى ٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ [الحج: 33]، وقال اللهُ تعالى في المُحْرِمِيْن الذين ساقوا معهم الهَدْيَ: ﴿وَلَا تَحۡلِقُواْ رُءُوسَكُمۡ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡيُ مَحِلَّهُۥۚ [البقرة: 196].



الشرح