×
المنتقى من فتاوى الجزء الثاني

 والأُضْحِيَّةُ والعقيقةُ يذبحهما المسلمُ في بلده وفي بيته، ويَأْكُلُ ويتصدَّقُ منهما، ولا يبعث بقيمتهما ليشتريَ بها ذبيحةً وتُوزع في بلدٍ آخَرَ؛ كما يُنادي به اليوم بعضُ الطَّلبة المُبْتدِئِين أَوْ بعضُ العوام؛ بحُجَّةِ أَنَّ بعضَ البِلاد فيها فقراءُ محتاجون.

ونَحْنُ نقول: إِنَّ مساعدةَ المحتاجين من المسلمين مطلوبةٌ في أَيِّ مكانٍ، لكنَّ العبادةَ التي شرع اللهُ فِعْلَها في مكانٍ معيَّنٍ لا يجوز نقلُها منه إِلى مكانٍ آخَرَ؛ لأَنَّ هذا تصرُّفٌ وتغييرٌ للعبادة عن الصِّيْغة التي شرعها اللهُ لها، وهؤُلاءِ شوَّشوا على النَّاس، حتَّى كثُر تساؤُلُهم عن هذه المسأَلة.

ولقد كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يبعث بالهَدْيِ إِلى مَكَّةَ ليُذْبحَ فيها وهو مقيمٌ بالمدينة، ويُذبحُ الأُضْحيَّةُ والعقيقةُ في بيته بالمدينة ولا يبعث بهما إِلى مَكَّةَ، مع أَنَّها أَفْضلُ من المدينة، وفيها فقراءُ قد يكونون أَكْثرَ حاجةٍ من فقراءِ المدينة، ومع هذا تقيَّد بالمكان الذي شرعَ اللهُ أَداءَ العبادة فيه، فلم يَذْبَحِ الهَدْيَ بالمدينة، ولم يبعثْ بالأُضْحيَّة والعقيقةِ إِلى مَكَّةَ، بل ذبح كلَّ نوعٍ في مكانه المشروعِ ذَبْحُه فيه، وخيرُ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرُّ الأُمُورِ مَحْدثاتُها، وكلُّ بِدْعةٍ ضلالةٌ.

نعم؛ لا مانعَ من إِرْسال اللُّحوم الفائِضةِ من هَدْيِ التَّمتُّع وهَدْيِ التَّطوُّع خاصةً دون هَدْيِ الجبران ومن الأَضاحي إِلى البلادِ المحتاجةِ، لكنَّ الذَّبْحَ لابدَّ أَنْ يكونَ في المكان المخصَّصِ له شرعًا.

ومن أَرَادَ نفعَ المحتاجين من إِخْوانِنا المسلمين في البلادِ الأُخْرى؛ فليساعدهم بالأَمْوال والملابسِ والأَطْعمةِ وكلِّ ما فيه نفع لهم، أَمَّا العباداتُ فإِنَّها لا تُغيَّرُ عن وقتِها ومكانِها بدعوى مساعدةِ المحتاجين


الشرح