أَعْمال القلوب
والمقاصدِ لا يعلمها إلاَّ اللهُ سبحانه وتعالى بدون تلفُّظٍ، ولم يَرِدْ عن النَّبيِّ
صلى الله عليه وسلم أَنَّه كان يتلفَّظ بالنِّيَّة ويقول اللَّهُمَّ إِنِّي نويتُ أَنْ
أَصُومَ أَوْ نويتُ أَنْ أُصلِّي أَوْ نويتُ كذا وكذا، إِنَّما وَرَدَ هذا عند الإِحْرام
بالحجِّ أَوِ العُمْرةِ أَنْ يقولَ المسلمُ: لبَّيْكَ عُمْرَةً أَوْ لبَّيْكَ حَجًّا
وكذلك عند ذبحِ الهَدْيِ أَو الأُضْحِيَّةِ وَرَدَ أَنَّه يتلفَّظ عند ذَبْحِها ويقول:
اللَّهمَّ هذه عنِّي أَوْ عن فُلانٍ فتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيْعُ
الْعَلِيْمُ، أَمَّا ما عدا ذلك من العبادات.
*
فالتّلفُّظُ بالنِّيَّةِ بِدْعةٌ سواءٌ كان في الصِّيام أَوْ
في الصَّلاة أَوْ في غير ذلك؛ لأَنَّه لم يَرِدْ عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّه
تلفَّظ في شيءٍ من هذه الأَحْوالِ بالنِّيَّةِ، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «مَنْ
عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ([1]).
وقال عليه الصلاة والسلام: «إِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ
مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ» ([2]).
*
فالتَّلفُّظُ بالنِّيَّة أَمْرٌ مُحْدَثٌ فهو بِدْعةٌ. وقد
قال الله سبحانه وتعالى: ﴿قُلۡ أَتُعَلِّمُونَ ٱللَّهَ بِدِينِكُمۡ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا فِي
ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ﴾
[الحجرات: 16]. فالله جل وعلا أنكر على الذين تلفظوا بنياتهم قال تعالى: ﴿۞قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ
ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا﴾
[الحجرات: 14] إلى أن قال تعالى: ﴿قُلۡ أَتُعَلِّمُونَ ٱللَّهَ بِدِينِكُمۡ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا فِي
ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ﴾.
* فالتَّلفُّظُ بالنِّيَّة معناه أَنَّ الإِنْسانَ يُخبر ربَّه عز وجل أَنَّه نَوَى له كذا وكذا قد نهى اللهُ عن ذلك وأَنْكَرَ على مَن فَعَلَه.
([1])أخرجه: مسلم رقم (1718).