×
المنتقى من فتاوى الجزء الثاني

 وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرٖ ٤ سَلَٰمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ [القدر: 1- 5]، فهي ليلةٌ شرَّفها اللهُ عز وجل على غيرها، وأَخْبَرَ أَنَّ العملَ فيها خيرٌ من العملِ في أَلْفِ شهرٍ أَيْ أَفْضلُ من العمل في أَكْثرَ من ثلاثٍ وثمانين عامًا وزيادةِ أَشْهرٍ، وهذا فضلٌ عظيمٌ حيث اختصَّها بإِنزال القرآن فيها، ووَصَفَها بأَنَّها ليلةٌ مباركةٌ وأَنَّها يُقدَّر فيها ما يجري في العام من الحوادث، وهذه مزايا عظميةٌ لهذه اللَّيلةِ، وكان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشرِ الأَواخِرِ من رَمَضَانَ ما لا يجتهد في غيرها طلبًا لليلة القدر، وهي أَفْضلُ اللَّيالي لأَنَّه لم يَرِدْ في ليلةٍ من اللَّيالي ما وَرَدَ في فَضْلِها والتَّنْويهِ بشَأْنِها؛ فهي أَفْضلُ اللَّيالي لمَا تشتمل عليه من هذه المزايا العظيمةِ، وهذا من رحمة الله تعالى بهذه الأُمَّةِ وإِحْسانِه إِليها حيث خصَّها بهذه اللَّيلةِ العظيمةِ.

* وأَمَّا المفاضلةُ بينها وبين ليلةِ الإِسْراء فبين يَدَيَّ الآن سُؤَالٌ وجوابٌ لشيخ الإِسْلام ابنِ تَيْمِيَّةَ رحمه الله حيث سُئِلَ رحمه الله عن ليلةِ القدر وليلةِ الإِسْراءِ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَيُّهما أَفْضلُ؟ فأَجَابَ بأَنَّ ليلةَ الإِسْراءِ أَفْضلُ في حقِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وليلةُ القدر أَفْضلُ بالنِّسْبة إِلى الأُمَّة، فحظُّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الذي اخْتُصَّ به ليلةَ المِعْراج منها أَكْملُ من حظِّه في ليلة القدر، وحظُّ الأُمَّة من ليلة القدر أَكْملُ من حظِّهم من ليلة المِعْراج وإِنْ كان لهم فيها أَعْظمُ حظٍّ، لكنَّ الفضلَ والشَّرفَ والرُّتْبةَ العُلْيا إِنَّما حصلتْ فيها لمَن أُسْرِيَ به صلى الله عليه وسلم.

* هذا ما أَجاب به شيخُ الإِسْلام ابنُ تَيْمِيَّةَ في هذه المسألةِ، والإِمامُ العلاَّمةُ ابنُ القَيِّمِ كلامُه في هذا الموضوع يُوافق كلامَ شيخِه في أَنَّ ليلةَ الإِسْراءِ أَفْضلُ في حقِّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وليلةَ القدر أَفْضلُ في حقِّ الأُمَّة.


الشرح