×
المنتقى من فتاوى الجزء الثاني

 [الزلزلة: 7- 8] ومعنى ذلك أَنَّ من صام رَمَضَانَ فله ثوابُ صيامِه، وإِنْ ترك في الوقت نفسِه الصَّلاةَ، فعليه إثْمُ تركِها، فكونُه قد قصَّر في أَداءِ فريضةٍ لا يمنع من قبول الفريضةِ الثَّانية منه؟

* هذه الإِجابةُ فيها إِجْمالٌ؛ لأَنَّ تاركَ الصَّلاة إِنْ كان جاحدًا لوجوبها فهذا كافرٌ بإِجْماع المسلمين ولا تنفعه صلاةٌ ولا عبادةٌ؛ لأَنَّ الكفرَ لا ينفع معه عملٌ، لا صيامٌ ولا غيرُه.

لأَنَّ اللهَ سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَقَدِمۡنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنۡ عَمَلٖ فَجَعَلۡنَٰهُ هَبَآءٗ مَّنثُورًا [الفرقان: 23]، ويقول تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡۖ أَعۡمَٰلُهُمۡ كَرَمَادٍ ٱشۡتَدَّتۡ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوۡمٍ عَاصِفٖۖ [إبراهيم: 18] والآياتُ في هذا كثيرةٌ.

أَمَّا إِذا كان يترك الصَّلاةَ تكاسلاً وتهاونًا بها مع إِقْراره بوجوبها، فهذا فيه خلافٌ بين أَهْلِ العلمِ؛ منهم من يرى أَنَّه يكفَّر الكفرَ الأَكْبرَ المُخْرِجُ من المِلَّة كالأَوَّل. وعلى هذا القول فلا تصحُّ منه صلاةٌ ولا صيامٌ ولا عبادةٌ ولا أَيُّ عملٍ يعمله من الخير، فإِنَّه لا يُقبَلُ منه؛ لأَنَّه لم يبن على أَساسٍ صحيحٍ، والدَّليلُ على كفره ما جاءَ في الحديث: «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» ([1])، والحديثِ الآخرِ: «بَيْنَ الرَّجُلِ وبَيْنَ الشِّرْكِ أَوِ الْكُفْرِ تَرْك الصَّلاَةِ» ([2])، والآياتُ من القُرْآنِ كثيرةٌ تدلُّ على ذلك، منها قوله تعالى: ﴿فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِۗ [التوبة: 11]، فدلَّ على أَنَّ الذي لا يقيم الصَّلاةَ ليس من إِخْواننا في الدِّيْن ومعنى هذا أَنَّه كافرٌ، وأَهْلُ النَّار يوم القيامة إِذا سُئِلُوا: ﴿مَا سَلَكَكُمۡ فِي سَقَرَ [المدثر: 42]، يكون جوابُهم: ﴿قَالُواْ لَمۡ نَكُ مِنَ ٱلۡمُصَلِّينَ ٤٣ وَلَمۡ نَكُ نُطۡعِمُ ٱلۡمِسۡكِينَ ٤٤


الشرح

([1])أخرجه: الترمذي رقم (2621)، وابن ماجه رقم (1079)، وأحمد رقم(22937).

([2])أخرجه: مسلم رقم (82).