بابُ:
تفسير التَّوحيد وشهادةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ
وقَوْلِ
الله تعالى: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ
ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ
أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ عَذَابَ
رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا﴾ [الإسراء: 57].
****
مُناسَبة الباب
لكتاب التَّوحيد: لمَّا ذكر المُصنِّف رحمه الله في الأبواب السَّابقةِ التَّوحيدَ
وفضائلَه والدَّعْوةَ إليه والخوفَ من ضِدِّه الذي هو الشِّرْك، بَيَّن رحمه الله
في هذَا الباب معناه؛ لأنَّ بعض النَّاس يُخطئ في فَهْم معناه، فيظُنُّ أنَّ معناه
الإقْرار بتوحيد الرُّبُوبِيَّة فقط، وهذَا ليس هو المراد بالتَّوحيد، وإنما المراد
به ما دلَّت عليه النُّصوص التي ساق المُصنِّف رحمه الله طرَفًا منها في هذَا
الباب من أنَّه إفراد الله بالعبَادة والخُلُوص من الشِّرْك.
وعَطَف شهادةَ أنْ
لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ على التَّوحيد؛ ليُبَيِّن أنَّ معناهما واحدٌ لا اختلاف
فيه.
﴿يَدۡعُونَ﴾: أيْ يدعونهم من دون الله، وهم الملائكةَ والأنبياءَ والصَّالحين وغيرَهم،
فالضَّمير الفاعلُ يدْعون راجعٌ إِلى الكفار.
﴿يَبۡتَغُونَ﴾: أي يطلبون، والضَّمير الفاعلُ فيه راجعٌ إِلى المدْعوِّين من الملائكة
ونحوِهم.
﴿ٱلۡوَسِيلَةَ﴾: ما يُتقرَّب به إِلى الله، فمَعْنى توسَّل إِلى الله: عَمِل عملاً يقرِّبه
إليه.
﴿وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ﴾: أيْ لا يرجُون أحدًا سِواه.
الصفحة 1 / 381