بابُ:
قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ﴾ [القصص: 56].
****
تمام الآْية: ﴿وَلَٰكِنَّ
ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾ [القصص: 56].
مُناسَبة الْباب
لكتاب التَّوحيد: أنَّ فيه الرَّدَّ على عُبَّاد القُبور الذين يعتقدون في الأنبياء
والصَّالحين النَّفْعَ والضُّرَّ، وذلك أنه إذا كان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
قد حرِص على هداية عمِّه في حياته فلم يتيسَّر له، ودعا له بعد موته فنُهِيَ عن
ذلك، وذَكَر - سبحانه - أنَّ الرَّسُول لا يقْدِر على هداية من أحبَّ، فهذَا
يدُلُّ على أنَّه صلى الله عليه وسلم لا يملك ضُرًّا ولا نفعًا، فبطل التَّعلُّق
به لجلب النَّفع ودفع الضُّرِّ، وغيره من باب أَوْلَى.
﴿ إِنَّكَ﴾: الخطابُ
للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
﴿لَا تَهۡدِي﴾: هدايةُ توفيقٍ للدُّخول في الإِسْلام، وأمَّا هداية الدَّعْوة والبيان
فإنَّ الرَّسُول يملكها ﴿وَإِنَّكَ لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ
مُّسۡتَقِيمٖ﴾[الشّورى: 52].
﴿مَنۡ أَحۡبَبۡتَ﴾: هدايته.
﴿وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ﴾: يوفِّق للدُّخول في الإِسْلام.
﴿وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾: أيْ: أعلم بمَن يستحقُّ الهداية ممَّن يستحقُّ الغواية.
المَعْنى
الإْجْماليُّ لِلآْية: يقول تعالى لرَسُوله صلى الله عليه وسلم: إنَّك لا
تقْدِر على توفيق من تُحِبُّ دخوله في الإِسْلام، ولكنَّ ذلك إنَّما يكون بيد
الله، فهو الذي يُوفِّق من شاء له، وهو أعلم بمن يستحقُّه ممَّن لا يستحقُّه.
الصفحة 1 / 381