بابُ:
قولِ الله تعالى:
﴿أَفَأَمِنُواْ مَكۡرَ
ٱللَّهِۚ فَلَا يَأۡمَنُ مَكۡرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ﴾ [الأعراف: 99]
قولِه: ﴿وَمَن يَقۡنَطُ مِن رَّحۡمَةِ رَبِّهِۦٓ إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ﴾ [الحِجر: 56].
****
مُناسَبة الْباب لكتاب التَّوحيد: أراد
المُؤلِّف رحمه الله بهذَا الباب أن يُبيِّن أنَّ الأمْنَ مِن مكر الله والقُنوطَ
مِن رحمة الله مِن أعظم الذُّنوب، وأنَّ كلًّا منهما يُنافي كمالَ التَّوحيد،
وأنَّه يجب على المؤمن أنْ يجمع بين الخوف والرَّجاءِ.
﴿مَكۡرَ ٱللَّهِۚ﴾: استدراجُهُ العبدَ إذا عصى وإملاؤه له حتَّى
يأخذَهُ أخْذَ عزيزٍ مُقتدِرٍ.
﴿ٱلۡخَٰسِرُونَ﴾: أي: الهالكون.
﴿يَقۡنَطُ﴾: القُنوط: استبعاد الفَرَج واليأسُ منه.
﴿ٱلضَّآلُّونَ﴾: المُخْطئون طريقَ الصَّواب.
المَعْنى
الإْجْماليُّ لِلآْيتين: يذكر الله - سبحانه - حالَ أهل القُرى المُكذِّبين
للرُّسُل أنَّ الذي حَمَلَهم على تكذيبهم هو الأمْن مِن استدراج الله لهم، وعدمُ
الخوف منه، فتمادَوْا في المعاصي والمخالفات، واستبعدوا الاستدراجَ مِن الله،
وهذِه حالُ الهالكين.
وفي الآية الثَّانيةِ يحْكِي اللهُ عن خليله إِبْرَاهِيمَ عليه السلام أنَّه لمَّا بشَّرتْه الملائكةُ بولده إِسْحَاقَ عليه السلام استبعد ذلك على كِبَرِ سنِّه، فقالت
الصفحة 1 / 381