وقَوْلِه تعالى: ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ أَحۡبَارَهُمۡ
وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا
مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسِيحَ ٱبۡنَ مَرۡيَمَ وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا
لِيَعۡبُدُوٓاْ إِلَٰهٗا
وَٰحِدٗاۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ سُبۡحَٰنَهُۥ عَمَّا يُشۡرِكُونَ﴾[التوبة:31].
****
المَعْنَى
الإْجْماليُّ لِلآْية: أنَّه يُخبِر - سبحانه - عن عبده ورسولِه وخليلِه
أنَّه تبرَّأ من كُلِّ ما يعبُد أبوه وقومُه، ولم يستثنِ إلاَّ الذي خَلَقَه، وهو
الله، فهو يعبُده وحْدَه لا شريك له.
مُناسَبة الآية
لِلْباب: أنَّها دلَّت على أن مَعْنى التَّوحيد وشهادةَ أن لاَ إِلَهَ إلاَّ
اللهُ، هو البراءةُ من الشِّرْك وإفرادُ الله بالعبَادة. فإنَّ لاَ إِلَهَ إلاَّ
اللهُ تشتمل على النَّفْي الذي عبَّر عنه الخَلِيلُ بقولِه: ﴿إِنَّنِي
بَرَآءٞ﴾، والإثباتِ الذي عبَّر عنه
بقولِه: ﴿إِلَّا ٱلَّذِي فَطَرَنِي﴾.
ما يُستفاد من
الآية:
1- أنَّ مَعْنى لاَ
إِلَهَ إلاَّ اللهُ توحيدُ الله بإخلاص العبَادة له، والبراءةُ من عبَادة كُلِّ ما
سِواه.
2- إظهارُ البراءةِ
من دِين المُشركين.
3- مشروعيَّةُ
التَّبرِّي من أعداء الله ولو كانوا أقربَ النَّاس.
﴿ٱتَّخَذُوٓاْ﴾: أيْ جعل اليَهُودُ والنَّصَارَى.
﴿أَحۡبَارَهُمۡ﴾: أي علماءَهُم.
﴿وَرُهۡبَٰنَهُمۡ﴾: أي عُبَّادَهُم.
﴿أَرۡبَابٗا﴾: أيْ مُشَرِّعين لهم يُحَلِّلُون ويُحَرِّمُون؛ لأن
التَّشريع من خصائص الرَّبِّ، فمن أطاع مخلوقًا فيه فقد اتَّخذه ربًّا.
﴿وَٱلۡمَسِيحَ ٱبۡنَ مَرۡيَمَ﴾: أيْ واتَّخذوا عِيسَى عليه السلام ربًّا بعبادتهم له.