وتوحيد
الألوهية يسمى التوحيد العملي؛ لأنه عمل من جهة العباد.
«أَنَّ اللهَ - سُبْحَانَهُ - هُوَ
رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَالِكُهُ وَإِلَهُهُ» هذا توحيد الربوبية، ولا بد من
الاثنين؛ لا بد من توحيد الربوبية والألوهية، فمن أقر بتوحيد الربوبية يلزمه أن
يقر بتوحيد الألوهية، ومن أتى بتوحيد الألوهية فإنه متضمن لتوحيد الربوبية، هذه
العلاقة بين النوعين: أن توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية، وتوحيد الألوهية
متضمن لتوحيد الربوبية، لا يفترقان أبدًا.
والرَّبُّ:
يراد به المربي؛ لأن الله هو المربي لعباده بنعمه وإحسانه، وهو المربي لهم أيضًا
بشرائعه وأوامره ونواهيه، فالرب بمعنى المربي.
والرب
أيضًا بمعنى المالك، فالملك العام لله عز وجل لا يشاركه فيه أحد، والملك الخاص
يكون للمخلوق؛ مثل: رب الدار، رب البستان، رب الدابة؛ فيأتي مقيدًا، لا تقول
للإنسان: «هذا رب» بإطلاق؛ بل تقول:
هذا رب الدار، رب السيارة؛ أي: صاحبها ومالكها، أما إذا أطلق الرب فالمراد به الله
عز وجل فهو رب العالمين.
ومن
معاني الرب: السيد، وهو: المالك للرقيق، فهو رب لهم؛ بمعنى أنه سيدهم، ومنه قول يوسف
عليه السلام للفتى الذي خرج من السجن: {ٱذۡكُرۡنِي
عِندَ رَبِّكَ} [يوسف: 42]؛ أي: عند
سيدك، وهو الملك، كما ذكر الله عز وجل في هذا السياق.
قوله
رحمه الله:
«فَمَعْنَى {رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} [الفاتحة: 2] رَابُّ العَالَمِينَ»؛ يعني: مربيهم بالنعم، مغذيهم
بالأرزاق؛ التربية الجسمية والجسدية، ومربيهم التربية المعنوية، وهي تربيتهم على
الدين وعلى الأخلاق، هي كل خلق جميل وحسن؛ فالله رباهم على ذلك.