التربية
المعنوية هي تربية القلوب، والأُْولى تربية الأبدان؛ فهو المربي لأبدانهم، والمربي
لقلوبهم.
قوله
رحمه الله:
«القَائِمُ بِتَرْبِيَتِهِمْ وَإِصْلاَحِهِمْ»
فهو المصلح سبحانه وتعالى والمرشد، والمعلم، وهو الخالق الرازق، وله كل معاني
الربوبية سبحانه وتعالى؛ ربوبية الملكية، وربوبية التربية البدنية، والتربية
القلبية.
قوله
رحمه الله:
«الْمُتَكَفِّلُ بِصَلاَحِهِمْ؛ مِنْ
خَلْقٍ، وَرِزْقٍ، وَعَافِيَةٍ، وَإِصْلاَح دِينٍ وَدُنْيَا»، فكل أفعال الله
عز وجل من توحيد الربوبية لا يشاركه فيها غيره، وهذا لا يكاد ينكره أحد من الخلق،
كلهم يعترفون بربوبية الله عز وجل وأنه هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر
لهذا الكون، ولكن إذا قيل لهم: {وَٱعۡبُدُواْ
ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ} [النساء: 36] استنكروا؛ لأنهم يريدون أن يعبدوا
الأصنام والأحجار والأشجار والأهواء وغير ذلك مع الله، لا يريدون إفراد الله
بالعبادة؛ ولهذا قالوا: {أَجَعَلَ
ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ} [ص: 5]، {أَئِنَّا
لَتَارِكُوٓاْ ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرٖ مَّجۡنُونِۢ} [الصافات: 36] لما قال لهم: «قولوا: لا إله إلا الله»، فهم لم يختلفوا مع الرسل إلا في هذا، لم
يختلفوا معهم في توحيد الربوبية، وإنما اختلفوا معهم في توحيد الألوهية؛ فالرسل
يريدونهم أن يفردوا الله بالعبادة، وهم لا يريدون هذا، يريدون أن يشركوا مع الله
أصنامهم ومعبوداتهم الكثيرة التي لا تحصى، كل يريد أن ينتصر لما يعبده، ولا يترك
عبادته، فصعب هذا عليهم؛ ولذلك بذلوا أنفسهم وأموالهم في الدفاع عن عبادة الأصنام،
وقاتلوا الرسل والمسلمين عند هذا.
الصفحة 3 / 309